لا شك أن موريتانيا تعيش اليوم على وقع مرحلة جديدة بدأت تفاصيلها في الظهور، وهي بمثابة بداية البداية، حسب اعتقادي..
لن أذهب بعيداً في تأويلات ومآلات ما سيحدث فكل الأمور باتت واضحة والسؤال الأكبر حول بقاء الرئيس من عدمه ستتكفلُ الأيام القليلة القادمة بالإجابة عليه.
بطبيعة الحال الرئيس محمد ولد عبد العزيز لا ينوي مغادرة السلطة، وتصريح وزير الثقافة الأخير كان صريحاً ومختصراً، لكن بعض الترتيبات البسيطة هي ما تبقى لبقاء الرجل حتى إشعار جديد.
لم تكن اختيارات الحزب الحاكم لمرشحيه في استحقاقات سبتمبر المفصلية، إلّا تكتيكاً سياسياً بإمتياز يريد من ورائه الرئيس الحصول على أغلبية مريحة في البرلمان تُبعد الشبهات عن الحزب الحاكم في حال فوزه بأغلب المقاعد وتمكنُ من تنفيذ سيناريو "الطريق" إلى المأمورية الثالثة بكل سلاسلة وأمان..
من السذاجة بمكان أن نعتقد بأن النظام لم ينتظر ردود الفعل الغاضبة التي احدثتها اختيارات حزبه في البلديات والمجالس الجهوية، إن لم نقل أنه فعلها عن قصد وعن بصيرة، فتلك الاختيارات أريد بها فتح المجال أمام أحزاب المعارضة لتلقف من تعتبرهم "مُغاضبين" وذلك ما قد يساعدها في كسب بعض المقاعد رغم أن النظام يعرف جيداً الوزن السياسي لكل مغاضب على حدة، وأماكن الضعف والقوة في دائرته الانتخابية وما إن كان يحبذ التخلي عنها مرحلياً للمعارضة وبمعادلة ستقسمُ من خلالها الكعكة بدقة متناهية ومعلومة التفاصيل.
من جهة أخرى أشرف النظام على إيفاد شخصيات أخرى لأحزاب الأغلبية باسماء وفي دوائر محددة كلفَ بها رجال أعمال وشيوخ قبائل ونافذين، وخصص لكل واحد منهم حيزاً جغرافيا يشرف عليه حتى نهاية العملية.
في المحصلة ستفوز أحزاب الأغلبية مجتمعة بنسبة 70% من مقاعد البرلمان بينما، ستتقاسم أحزاب المعارضة المقاطعة والمحاورة وحلف "بيرام/الصواب" والحزب الحاكم بقية المقاعد..!
وماذا بعد ؟
خلال الفترة الفترة الفاصلة ما بين افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة وانتهاء مأمورية الرئيس الثانية أي منتصف العام المقبل، سيخرج دعاة المأمورية الثالثة من كل حدبٍ وصوب، لكن هذه المرة بزخم أكبر وبهالة إعلامية أوسع الأمر الذي سيحركُ الفريق البرلماني الذي كان ينتظر بشغفْ ساعة الصفر في شبه إعادة لسيناريو الإطاحة بولد الشيخ عبد الله، على أن يكون ولد محم في مقدمة تلك الوجوه حسب أقوى الإحتمالات.
مطالب الشارع الموريتاني بفتح المأموريات سيقابلها رفضُ قوى المعارضة التي لا تمثل جناحة ذبابة (25 نائب كحد أقصى) وسيكون الطريق سالكًا إما لدعوة الغرفة الوحيدة المتبقية من البرلمان الموريتاني، للانعقاد والمصادقة على تعديل تلك المادة التي أرهقت النظام واحرجته كثيرا،ً او دعوة الشعب لاستفتاء جديد سيكون له ما بعده بكل تأكيد.