أكبر خاسر في المؤتمر الصحفي للرئيس ليلة البارحة، هم دعاة المأمورية الثالثة، حيث أطلق الرجل وبدم بارد جدا رصاصة الرحمة على "المأمورية الثالثة" ودعاتها، وجعلهم يتعرقون في أماكنهم، ويبتلعون ريقهم بصعوبة، في ليلة من ليالي أغسطس الأخيرة.
فحين قال الرئيس، إن التعديلات الدستورية تظل قائمة ومحتملة، سارع بعض الحضور إلى إطلاق العنان لتصفيقاته وتنهيداته، لكي يوهم الناس بأن احتمال "المأمورية الثالثة "لا يزال قائما ومطروحا بقوة، لكن الرئيس ما لبث وأن عاد بسرعة يرتب أوراقه ويخلص أنصاره من رغباتهم الشيطانية المتعفنة، حين تحدث عن أن الأصل هو المحافظة على الدستور، وأنه حتى في حال تعديله، يجب أن يكون الهدف من وراء ذلك، هو دعم المؤسسات وتقويتها وتوطيدها، وأنه شخصيا لا يؤمن بتعديل الدستور من أجل خدمة أشخاص، لأن هؤلاء يأتون ويذهبون بينما تبقى الدولة قائمة، وهكذا أسقط في يد كل مصفقي وطبالي الجمهورية!
بصراحة، ما كان يود الرئيس أن يقوله لكل المطلبين والمتملقين وأصحاب وجوه "تنكرده"، هو أنه لن يقبل أبدا بضم اسمه إلى قائمة ضحايا مهرجي الجمهورية، التي غصت بها كتب التاريخ في هذا البلد، لدرجة أنه أصبح لدينا مقابل كل رئيس سابق انقلاب سابق،
ومع أن ولد عبد العزيز، يكون قد وضع بذلك النقاط على الحروف الأخيرة وقلب الصفحة، إلا أنه من المستبعد جدا أن تكون تلك هي الليلة الأخيرة في عمر المأمورية الثالثة، بل من المنتظر أن يبقى هذا الجدل قائما حتى لحظة إعلان أسماء المترشحين لرئاسيات 2019، ذلك أن العقل السياسي الموريتاني خاصة منه الموالي، يحتاج إلى وقت طويل وأكثر من اللازم، لكي يتقبل مبدأ التناوب على السلطة وتداولها بشكل هادئ وسلمي...