أذيع سرا إذ قلت أن روسيا تستعد بعد أيام لاستقبال وفود الفصائل الفلسطينية في موسكو ، واذهب إلى ما هو أبعد بأنها قد تذهب اي الفصائل إلى الشيشان للقاء الرئيس قادريوف، فهل تمد روسيا يدها إلى الوضع الفلسطيني لإعادة تنظيميه ، و تعمل على تشكيل جبهة موحدة وحالة داخل الساحة الفلسطينية ، تجعل لها نفوذا يقابل الوقاحة الأمريكية ويعرقل جهودها في تصفية القضية والاستفراد بالشعب الفلسطيني .
إذا كانت زيارة الفصائل الفلسطينية لروسيا هي بداية لهذا المسار فثمة تغييرات مهمة قادمة تتصل بدور روسيا في القضية الفلسطينية ، من نافل القول أن موسكو تمتعت بعلاقات ممتازة مع فصائل اليسار الفلسطيني تاريخيا ، ولكن هذه العلاقة تغيرت مع انهيار الاتحاد السوفيتي بداية تسعينات القرن الماضي، وأنشغال روسيا بمشاكلها الداخلية و تأمين محيطها الحيوي لاحقا ، ويمكن لتقوية هذه العلاقة اليوم وتفعيلها أن تحدث فارقا في أزمة هذه الفصائل الوجودية والتي سبق أن كتبنا عنها في هذه الصحيفة مقالا خاصا .
والبعد الإسلامي لدى رئيس جمهورية الشيشان كذلك يزيد من قوة العلاقة مع تنظيمات أخرى اسلامية في الساحة الفلسطينية . وليس خفيا رغبة الرئيس ” قادريوف ” الجامحه في لعب دور مؤثر في القضايا العربية ، واهتمامه الذي تبدى في مواقف علنية من الأحداث التي جرت في العالم العربي والإسلامي سواء في سوريا أو ليبيا .
مؤسسة قادريوف تعتبر من أنشط المؤسسات الخيرية التي قدمت مساعدات لسكان دمشق وحلب و مناطق أخرى عبر صندوق قادريوف الخيري وتجاوزت المساعدات إلى الاعمار وترميم بعض الأماكن التاريخية وإعادة ترميم قلعة حلب مثالا .
من المرجح أن تحصل الفصائل الفلسطينية على دعم مالي من رئيس جمهورية الشيشان ، وهذا يشكل حلا لروسيا في مسألة دعم وتفعيل فصائل تعتبرها واشنطن إرهابية وتفرض حظرا عليها . كما تعتبر إسرائيل مسألة دعمها عملا عدائيا. لذلك قد يوكل إلى” قادريوف” هذه المهمة باعتبار القدس والمسجد الأقصى في صلب عقيدته واهتمامه .
وهذا الدعم تحتاجه الفصائل الفلسطينية بشكل ملح الآن ، لأنها تعيش أزمة كبيرة بسبب شح الدعم المالي ، خاصة بعد العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران . وهو ما جعلها باسوء حال منذ انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة بداية ستينات القرن الماضي .
ولكن الأهم من الدعم المالي هو بناء علاقة جديدة وجدية مع روسيا ، تكون بداية استراتيجية روسية على صعيد القضية الفلسطينية ، وهذا الحراك الروسي ضرورة في هذا التوقيت ويجب تشجيعه والبناء عليه .
التدخل الروسي في سوريا أحدث فارقا على الساحة الدولية ، وإنقذ سوريا من مصير ليبيا و العراق من قبله ، ووضع حد للخطط الأمريكية لتفتيت سوريا ، وقلب المعادلة الميدانية والسياسية هناك . وهذه مهمة تاريخية أعادت روسيا بقوة إلى الشرق الأوسط بل المسرح الدولي أيضا . ودخول روسيا على خط القضية الفلسطينية ربما يحدث فارقا أيضا ، وتوازنا يفرمل البلطجة الأمريكية واستضعاف الفلسطينيين .
ولكن على الفصائل أيضا أن تدرك أن روسيا لا تدعم المقاومة المسلحة ضد إسرائيل ، وهذا الاختلاف مفهوم لناحية أن روسيا دولة عظمى وعضوا دائما في مجلس الأمن ، وهذا لا يمنع أن تلتقط الفصائل الفلسطينية هذه الفرصة وتستفيد مما هو ممكن ومتاح لدى روسيا على صعيد دعم الحقوق الفسطينية . ولديها الدعم الايراني المخلص عبر عقود من الزمن الهادف إلى هزيمة إسرائيل واستعادة الأرض الحقوق الفسطينية بالقوة العسكرية .
ولا يجب أن يخطر ببال أحد منا أن روسيا تسحب الأوراق الفلسطينية من يد ايران ، لأن هذا سيقال ويكتب في التحليل و التشخيص ، من صادقين ومغرضين على حد سواء .
القضية تحتاج إلى كل من يمد لها يد المساعدة ، ودائرة التحالفات يجب أن تكون مفتوحة دوما ، وهذا يصب في صالح ايران ويساعدها في موقفها من القضية الفلسطينية ، و محاولات تصفييتها التي تتصدى لها ايران ومعها محور المقاومة .
على قادة الفصائل أن يذهبوا وبيدهم المبادرة والرؤية الواضحه إلى موسكو ، وأن يجتمعوا على مستوى القادة ويضعوا تقديرا صحيحا للموقف ، وأن يتفقوا على الأولويات الوطنية ، لا أن يذهبوا مستمعين فقط لما سيقوله لهم الروس ، وبهذا يحصدون نتائج مثمرة .
أعتقد أن الدعوة الروسية فرصة جيدة لبداية تحرك الفصائل أو بعضها على الأقل نحو استراتيجية الحركة والحركة الدائمة دون توقف في رحلة بحث عن خيارات وتحالفات وحشد الدعم والمساندة في كل مكان ممكن ومتاح لمواجهة الخطر الداهم على قضيتنا .
نتمنى لهم التوفيق والإعداد الجيد لهذه الزيارة ، وننتظر النتائج .