لقد ثبت الآن بأن وسم "#احم_صوتك" كان وسما موفقا، وقد جاء في الوقت المناسب عندما تم إطلاقه بشكل واسع يوما واحدا من قبل بدء الاقتراع.
كانت كل الدلائل تشير إلى أن المعركة الأهم ستكون معركة حماية الأصوات،
وأنه كلما نجحت المعارضة في حماية أصوات ناخبيها من التزوير والتلاعب فإنها ستتمكن من حرمان حزب المليون ومائة ألف منتسب بالعد القديم أو حزب المائة ألف منتسب بالعد الجديد، من تحقيق الأغلبية المريحة التي طالب بها "الرئيس المؤسس" في خطاباته المرتبكة خلال الحملة الانتخابية، والتي كان آخرها خطابه في المطار القديم الذي ختم به الحملة.
الطريف في الأمر أن حزب تواصل الذي لم يصل عدد منتسبيه إلى مائة ألف منتسب في آخر عملية انتساب يطلقها ينافس ـ وبقوة ـ في اللوائح الوطنية الحزب الذي قال بأن منتسبيه قد زادوا على المليون ومائة ألف منتسب..نعم إن الواحد قد ينافس العشرة المدعومة بالمال والتزوير وحتى بالموتى، وحسابيا فإنه يمكننا أن نقول بأن 1 من تواصل = 10 من الحزب الحاكم.
وبعيدا عن الحساب، وبلغة انتخابية فصيحة، فإنه يمكننا القول بأن المعارضة في مجموعها قد استطاعت أن توجه ضربات موجعة ومؤلمة لنظام ولد عبد العزيز، ففي ولاية تيرس الزمور تمكنت المعارضة من حرمان رئيس العمد والصديق المقرب من الرئيس من الفوز في الشوط الأول، وفي ولاية الحوض الشرقي جرت المعارضة مرشحي النظام في بلدية بنكو مسقط رأس الوزير الأول السابق إلى شوط ثان، ونفس الشيء فعلته في بلدية جكني مسقط رأس الوزير الأول الحالي. أما في عاصمة الحوض الغربي مدينة الجنرالات وقادة المؤسسات العسكرية، فإن المعارضة قد حرمت لائحة الحزب الحاكم المرشحة للبلديات من الوصول إلى الشوط الثاني. لم تتوقف انتصارات المعارضة في هذه الولايات، بل وصلت انتصاراتها إلى كل جهات الوطن، واستطاعت المعارضة ولأول مرة أن تحصل على نواب في دوائر انتخابية بكر كما حدث في سيلبابي وألاك.
لقد حققت المعارضة انتصارات هامة، ولكن هذا ليس وقت الاحتفال بالانتصار، فمعركة حماية الأصوات يجب أن تتواصل، وعندما تنتهي هذه المعركة، فحينها سيكون من حق المعارضة أن تحتفل بانتصاراتها.
إن مرشحي النظام لم يراهنوا كعادتهم على أصوات الناخبين، بل راهنوا في هذه الانتخابات على التزوير وعلى ما تراكم لديهم من خبرات كبيرة في هذا المجال، ولقد ظنوا بأن خبراتهم تلك ستضمن لهم الحصول على الأغلبية المريحة التي طالب بها "الرئيس المؤسس". لقد قاطع الشعب الموريتاني استفتاء 5 أغسطس 2017، ولكن ماكينة التزوير حولت تلك المقاطعة القوية إلى مشاركة كبيرة، وهذا ما كان القوم يخططون له في انتخابات 1 سبتمبر، فقد عملوا من أجل تحقيق فوز كاسح والحصول على أغلبية مريحة من خلال التزوير.
في الأيام الماضية وخلال نقاشات متكررة وجدتُ أن هذه القناعة قد أصبحت تسيطر على تفكير عدد من المعارضين، وخاصة من فئة الشباب. فالبعض كان يقول لي لقد كشفنا حجم التزوير الهائل الذي وقع في استفتاء 5 أغسطس 2017، ولكن ما نتيجة ذلك؟ لقد كنتُ أجيب هؤلاء بالقول بأن استفتاء 5 أغسطس يختلف تماما عن انتخابات 1 سبتمبر، فتزوير نتائج استفتاء 5 أغسطس حتى وإن كانت قد تضررت منه جماهير واسعة إلا أن الضحايا المباشرين لعمليات التزوير كانوا قلة، ولا يتجاوزن عددا محدودا من الأفراد (أعضاء غرفة الشيوخ). أما تزوير انتخابات 1 سبتمبر فضحاياه كثر، فهناك الكثير من الرجال والنساء الذين أنفقوا من جهدهم ومالهم من أجل الفوز، وهناك الآلاف ممن دعمهم، وهناك أحزاب سياسية، كل هؤلاء هم من الضحايا المباشرين الذين لن يقبلوا بالتزوير البين، وهم على استعداد لأن يدافعوا عن أصواتهم وأن يحموها من التزوير بكل الوسائل السلمية المتاحة.
إن المعارضة ستفوز إن استطاعت أن تدير معركة حماية الأصوات بشكل جيد، وما تحقق في اليومين الماضيين يؤكد بأن المعارضة قادرة على أن تدير تلك المعركة بشكل جيد.
حفظ الله موريتانيا...