إن الإنسان بطبيعته يميل إلى امتلاك السيادة، والقيادة وأن تكون له الريادة في كل شيء، وقد تتجلى هذه الحقيقة في مجتمعنا أكثر منها في المجتمعات العربية والأفريقية في البلدان الاخرى.
وهنا سأتناول ظاهرة من هذه الظواهر ومسلكا من هذه المسلكيات المعيقة للنماء والتطور ألا وهي ظاهرة تعدد الاحزاب السياسية في موريتانيا.
ففد بلغ العدد الإجمالي لهذه الاحزاب السياسية حسب آخر الإحصاءات 105 حزبا سياسيا. ويبقى السؤال المطروح هل ينبغي في بلد لا يبلغ تعداد سكانه خمسة ملايين نسمة أن يكون فيه هذا العدد من الأحزاب فلماذا؟
يبدو ان شعبنا يتميز بكل شيء بعاداته، وبطبعه، وسلوكه وتفكيره.
ففي بلدنا نجد فائضا في كل شيء الا في الإنتاج فإننا نجد عجزا في شتى المجالات الإنتاجية لا لشيئ سوى اننا بطبعنا مجتمعا مستهلكا لكل شيء، ولا ينتج أي شيء بسبب الجهل والتخلف والكسل والإتكالية والتكبر وغير ذلك كثير من العادات والتقاليد السيئة.
كما اسلفت نجد فائضا في الأحزاب، في المواقع، في الصحف، في منظمات المجتمع المدني، في الاذاعات والتلفزات، نجد فائضا في كل شيء إلا في انتاج السلع الغذائية والخدمات فالعجز هو السائد.
ففي بلدنا أيضا أصبح لكل جهة؛ ولكل قبيلة حتى لا أقول لكل أسرة حزبها، وغابت الأدوار الأساسية للاحزاب من تقديم وعرض البرامج التي تخدم تنمية الوطن، وتعزز من السلم الأهلي والامن القومي، وتساعد في توعية وتنوير المجتمع والرقي به الى المستوى الذي وصلت إليه المجتمعات الاخرى في الأوطان الأخرى.
و تعد الترشيحات الأخيرة في انتخابات الواحد من سبتمبر الفان وثمانية عشر خير دليل على ما قلنا حيث تسابقت أحزاب الجهات و أحزاب القبائل حتى لا اقول أحزاب الاسر في ترشيح أبنائها ومقربيها وافراد الحاشية المقربين.
وفي بعض الأحيان كانت تلك أحزاب الصكوك والمحفظات سلعة رائجة من اجل ترشح اصحاب المال والنفوذ من على راس لوائحها.
هذه ظواهر ومسلكيات مشينة تعيق مسار التنمية وعجلة البناء في بلدنا الغالي، فلا ينبغي لبلد بحجم بلدنا ان يكون فيه هذا العدد الضخم من الاحزاب السياسية، ولكن ذلك لن يستمر طويلا فسرعان ما يزول بفعل قانون حل الاحزاب السياسية الصادر عن الحوار الوطني الشامل، والذي بمقتضاه تسحب تراخيص وتحل الأحزاب السياسية غير القادرة على الحصول على نسبة 1 في المائة، وبذلك يتم القضاء على الكثير من هذه الفسيفسا والبكتريا الحزبية المنقسمة أحيانا، والمنشطرة أحايين اخرى والتي لا تقدم بل تؤخر أميالا بعيدة إلى الوراء.
وحسب بعض المصادر فإن ازيد من 60 حزبا لم تتمكن في الشوط الأول من هذه الانتخابات من تجاوز عتبة الواحد بالمائة وهي الآن مهددة بالحل لا مؤسوف عليها.
فليحفظ الله بلدنا العزيز.