ظهر في الآونة الأخيرة مصطلح " الذباب الإلكتروني" وأصبح يوصم بهذا كل من دافع عن المملكة العربية السعودية.
كان قديما يوصف من يدافع عن السعودية بانه مطبل, او " مشترى بالرز" او مداهن مقابل وصف من يهاجمها بانه حر, ذكي, عارف بالأمور, مناضل, مقاوم وما الى ذلك من الصفات. ثم ظهر مصطلح ذباب الكتروني, مع ان معنى المصطلح (المعنى فقط) كان موجود منذ زمن, بدأتها اسرائيل في الشرق الأوسط بإنشاء ما يدعى بقوةدفاعالإنترنتاليهودية(The Jewish Internet Defense Force (JIDF)) وكم عانينا من الدفاع الإسرائيلي على اليوتيوب عند إظهار جرائم الكيان الإسرائيلي, واذكر ان معرفاتي في اليوتيوب كانت منشورة في القائمة السوداء الإسرائيلية وكم حظرت ادارة اليوتيوب حساباتي لأنها كانت تتعرض للإبلاغ عنها بقوة دفاع الأنترنت اليهودية بصفتها معادية للسامية. ثمظهرتفيسورياباللجانالثوريةوفيغيرهاتحتمسمىالجيشالإلكتروني. وفي جميع الأوقات وجميع التسميات لم يكن فيه إهانة لهم. الا في الحالة السعودية
وأول من استعمل مصطلح " الذباب الإلكتروني" هو ياسر أبو هلاله المسئول في قناة الجزيرة ونشرته القناة بكل ما اوتيت من انتشار وقوة كوصمة لكل من يدافع عن السعودية, سواء كان سعودي ام لا, وأصبح مسمى " ذباب الكتروني " مصاحبا للدفاع عن المملكة العربية السعودية.
كان إطلاق هذا المسمى على المدافعين الذين يقابلون اقوى الة إعلامية صرفت عليها المليارات والكثير من الوقت والتجهيز كهجوم مضاد عليهم, بحيث تحاول اثباط عزيمتهم ودفعهم على التوقف, وقد اعترف المذيع في قناة الجزيرة جمال ريان في تسجيل منشور له ان هجمتهم على المملكة اتى بنتيجة عكسية ساهمت في ازدياد شعبية ولي العهد الشاب محمد بن سلمان.
وهذا ما كتبت عنه في مقالاتي السابقة عن قضية الصحافي السعودي جمال خاشقجي رحمة الله, اذ ان من خطط لهذه الهجمة ظن ان السعودية كباقي الدول العربية, ولم يأخذ خصوصياتها بعين الاعتبار, واعتبر ان الهجوم المباشر سوف يجعل الشعب السعودي ينفض عن ولي العهد, ولكن جاءت النتائج سلبية.
واستمر الهجوم المجنون والعشوائي على ولى العهد, بل وزاد, الى حدود أشمئز منها الكثير من المتابعين للجزيرة, من المغرب والجزائر الى قطر نفسها, مرورا بتونس وليبيا, وقد استمعت لأحد الأخوة الليبيين يقول, ان قناة الجزيرة تنتحر بكثرة الهجوم على محمد بن سلمان.
ان هجوم وسائل الاعلام المعارضة للمملكة ساهمت مساهمة كبيرة في تعرف الكثير من العرب على محمد بن سلمان, وكثير منهم ابدى اعجابه بالشاب الذي يحاول نقل المنطقة وليس المملكة لتكون اوروبا بمنتصف هذا القرن, وتعرفوا على مشروع " نيوم" بل وأصبحت كلماته مسموعة ويبحث عنها, محاولين التعرف على الشخصية التي تتعرض لكل هذا الهجوم. وهذا ما نسميه التأثير العكسي للدعاية السلبية.
حاولت الدعاية السلبية توظيف الحادثة للقضاء على سياسة محمد بن سلمان فاذا بها تنشرها, وحاولت اضعافها فاذا بها تقويها داخليا وتعرّفها خارجيا.
كان الخطأ الكبير الذي وقعت به انها حاولت استغلال بعض التصريحات الأمريكية التي تتعامل مع القضية بصورة وسيلة اعلان انتخابي وليس اعلان سياسات لقرب الانتخابات النصفية لمجلس الشيوخ الأمريكي, وهي تتعامل معها كوسيلة لإضعاف الرئيس ترامب وحزبه, وإظهارهاكأنها اعلان عن تغير في سياسة الولايات المتحدة الامريكية امام القارئ والمشاهد العربي. ناسية تصريح خطير لترامب عن ان حاجة امريكا للسعودية أكثر من حاجة السعودية لأمريكا. وان السعودية تستطيع ان تشترى حاجاتها من السوق العالمي سواء من روسيا او الصين وتستغنى عن الولايات المتحدة مما يعمق الأزمة الاقتصادية الأمريكية.
وبالفعل فان السعودية قامت بقرص اذن الولايات المتحدة بمشاركتها في أكبر صندوق استثماري مع الصين وروسيا, لكي تعطي إنذارا لأمريكا بأنهم سيستغنون عنها إذا ما حاولوا الضغط عليهم.
انتشار مصطلح الذباب الإلكتروني لم يكن في صالح هذه القنوات الإعلامية, بل وأتى بنتائج عكسية, وعدم معرفة القائمين على وسائل الاعلام بالتكوين الاجتماعي والنفسي للمواطن العربي السعودي واستثارته حتى انه بدأ يفخر بكونه ذباب الكتروني يدافع عن وطنه, بل بدأ يشعره بأهميته كمناضل من اجل الوطن, وتحول تعبير "ذباب الإلكتروني" من "سبة" يوصم بها المدافع عن السعودية الى "فخر واعتزاز" بان عدو الوطن بدأ يتعرف على اثاره وقوته.
حمق الإعلاميين في التعامل مع المعطيات وتصورهم بان الساحة الإعلامية ما زالت كما كانت قبل عشر سنوات جعلهم يقعون في حزمة من الأخطاء, أخطاء جعلت الناتج من افعالهم ضد ما كانوا يتوقعون وعكس ما كانوا يأملون.
وانا اولهم, اقر اني ذباب الكتروني يدافع عن وطني ضد حملة إعلامية غاشمة, لا تبقي ولا تذر, استعملت كل الوسائل من كذب وتزييف وصياغة مضحكة للأخبار, كلها لمحاربة ولي العهد السعودي, الذي كنت لا ارضى عن بعض سياساته, ولكن هجومهم الذي دفع بعض المشاهدين الى استبدال اسم قناة " الجزيرة" الى قناة "خاشقجي".
التعامل مع المجتمعات يجب ان يبنى على دراسة المجتمع ومعرفة كيفية الدخول اليه وكيف إقناعه, والعربي السعودي الذي ما زلت لديه انفة العربي وحماسته يجب ان يعامل بطريقة تحفظ بها كرامة عقله, وكرامة وطنه. يحترم الهدوء ولا يستجيب للكلمات الحماسية, يستعمل عقله اذا كان الامر يتعلق بالأخبار ويستعمل عاطفته اذا كان الامر يتعلق بوطنه. يجب معرفة اين عقله وأين عاطفته. وهذا ما عجزت القنوات الإخبارية والصحفيون الذين حاولوا الهجوم على المملكة العربية السعودية.
اكرر القول, انا ذبابة الكترونية إذا كان الثمن وطني ورخاءه ورفعته.