في إطار موسمه الثقافي الجديد، احتضن المركز الثقافي المغربي بانواكشوط مساء أمس الاربعاء محاضرة حول تاريخ فن الحكايات والأمثلة الشعبية عند الموريتانيين وسكان منطقة الصحراء عموماً، القاها الحكواتي المعروف يحي ولد الراجل ..
واستعرض المحاضر خصائص فن الحكاية ومميزاته التي تستوى من الطبيعة، والتي تستنطق في غالبيتها بعض الحيوانات التي ألفها أهل البدو، مع استخدام مواقف وحكم لشخصيات من وحي خيال سكان الصحراء.
مدير المركز الثقافي المغربي الاستاذ سعيد الجوهري، أكد فيي كلمة ترحيبية افتتح بها المحاضرة على أهمية فن "الحكايات" الشعبية باعتباره "احدى روافد الثقافة الموريتانية والتي ظلت وسيلة لنقل المعارف والحكم.."
وقال إن الحكايات الموريتانية تأثرت بالواقع الجغرافي الشاسع للبلد، والفضاء الثقافي الغني مما افسح المجال للمخيلة لنسج حكايات تناقلها الرواة عبر الحقب والازمان، متضمنة دروسا وقيم تنم عن مدى ثراء وتنوع هذا المخرون التراثي القيًم.
وخلص مدير المركز إلى الثناء على الحكواتي ولد الراجل وعلى إسهاماته في تدوين الحكايات وقصص التراث التي اخذت نصيبها من العالمية لمشاركاته في العديد من المهرجات الدولية في اوروبا وإفريقيا والوطن العربي.
وسيلة إقناع ..
اعتبر المحاضر في بداية عرضه أن الحكايات والامثلة الشعبية وعلى الرغم من دورها البارز في التوجيه ، فهي كذلك ملجأ ووسيلة إقناع للناس ومرجع قانوني واخلاقي ينظم الحياة اليومية لكافة افراد الأسرة، وخاصة الجدة التي كان لها دور كبير في نشر هذه الثقافات من خلال سرد القصص والروايات لأطفالها قبل خلودهم إلى النوم..
واوضح المحاضر أن في اختيار ذلك التوقيت حكمة كبيرة إذ أن لكل جهة من موريتانيا مبرراتها في منع حكاياتها خارج وقت ما قبل النوم، فيقول أهل المناطق الشرقية إن الحكايات في النهار تضحك "العجل" وفي ذلك كناية عن قلة الحليب نتيجة رضاعة العجل لأمه، وعند أهل الجنوب إنها تضحك أولاد النار وتبكي أولاد الجنة إلى غير ذلك، ومن بين الحكايات المعروفة في المجتمع الحساني، قصص "تيبه" و"ديلول" ..
الأمثال والأحجية:
من دهة اخرى أشار المحاضر إلى أن أهل الصحراء يقولون بأن المثل يساوي حكاية، والمثل الحساني على غرار الامثال الشعبية عند جميع الأمم، يحمل في طياته حكما وعبر مستخلصة من تجارب الماضي ورجاحة عقول أهل العلم والمعرفة، معتبرا أن للأحجية أيضا دور في تنمية عقول الأطفال وترويضها من خلال الألغاز ما يتطلب مجهود فكري معين.
ومن امثلتنا الشعبية الحيًة:
ـ المدرك بالأيام عريان: ويضرب في سرعة الزمن وعدم التستر على أمر ما ستكشفه الايام لاحقا.
ـ أيد وحده ما اتصفق: ويضرب في أهمية والوحدة واللحمة .
ـ إشوف الشيباني التاكي الماشاف أفكراش الواقف: ويراد منه تبيان أهمية التجربة..
واشفع المحاضر عرضه بسرد قصص واحيات لقيت كلها استحسان وتفاعل الحاضرين، كما كان لبعض الاساتذة تعقيبات على المحاضر صبت كلها في ضرورة إحياء فن "الحكاية" والمحافظة على الموروث الحكواتي من الاندثار وسط سيل العولمة الجارف، بل ومحاولة تدوين كل القصص التي كان يتناقلها الناس شفهياً حتى تتمكن الاجيال القادمة من سماعها لاستلهام العبر والحكم منها.