وإنما المرء حديث بعده .. الشيخ بن محمد محمود "نموذجا" | صحيفة السفير

وإنما المرء حديث بعده .. الشيخ بن محمد محمود "نموذجا"

ثلاثاء, 27/11/2018 - 10:59

خلال الأسابيع القليلة الماضية انتقل إلى جوار ربه والدنا وتاج رؤوسنا ومبعث فخرنا : الشيخ بن محمد محمود بن انداه  بعد عمر مبارك أنفقه في البذل والعطاء والعمل الصالح بأنواعه وتجلياته المختلفة ’ خاصة إذا تعلق الأمر بإطعام الطعام ونحن فى زمن فيه يبخل الناس ويامرون بالبخل كما ورد فى قوله تعالى : " الذين يبخلون ويامرون الناس بالبخل " النساء الآية 37.
وهنا يتجلى الفرق بين البخل والشح ’ فالبخل ضن الشخص بما لديه ’ أما الشح فهو أمر الناس بالضن بما فى أيديهم وقد كان ينبغى ويتعين  إنجاز هذا التأبين ونشره  تزامنا مع مصابنا الجلل ولكننى أردته أن يكون " بحثا باقيا " بدل أن يكون " دفقة مشاعر " تطفو على السطح بعد نشرها , أضف إلى ذلك بعض الإنشغالات والإكراهات التى تفرض نفسها , ولكنه فى كل الأحوال يظل واجبا متحتما علي لا يسقط بالتقادم ,مستأنسا بحديث " اذكروا محاسن موتاكم " وإن كان فيه ضعف , مستحضرا قول المتنبي:
خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به         فى طلعة البدر ما يغنيك عن زحل
وقد وجدت مكان القول ذا سعة        فإن وجدت لسانا قائلا فقل
والتأبين ـ عرفا فى زماننا ـ  هو الرثاء بعينه , والرثاء ـ اصطلاحا ـ هو
ذكر محاسن الميت , وبما أن الأمر كذلك  فإننى سأذكر فى هذا المقال بعض
مناقب الشيخ رحمه الله , ومناقبه ومآثره كثيرة ومتنوعة , ولكن منقبة
بارزة غلبت على شخصيته , واشتهر بها وتميز  فمن أكثر من شيء عرف به كما
يقال , تلك هي منقبة الكرم بتجلياته ومظاهره المتنوعة  . وتجنبا للإطالة
فإنني سأمحض  هذا المقال  وإن شئت قلت البحث التأبيني لهذه المنقبة دون
مناقبه الأخرى الكثيرة كالزهد والورع  والقناعة  والشهامة والتواضع
والفتوة بمعانيها المختلفة وحمل الهم العام مع أخذ مسافة واحدة من الجميع
يملؤها الإحترام والتقدير من كلا الطرفين .. كما ذكر الدكتور  إزيد بيه ـ
حفظه الله ورعاه ـ  فى مقاله التأبيني الرائع , فهو خير من يتحدث عن
الشيخ " ولا ينبئك مثل خبير " كما قال تعالى فى الآية 14 من سورة فاطر
كان رحمه الله ينفق " إنفاق من لا يخشى الفقر " كما جاء فى الحديث الذى
رواه أنس بن مالك رضي الله عنه  , إنفاق من " لا تعلم شماله ما تنفق
يمينه " كما ورد فى حديث السبعة الذين يظلهم الله بظله والذى رواه أبو
هريرة رضي الله عنه
وهنا لا بد أن أسلط الضوء على الكرم والسخاء وإطعام الطعام  ـ رغم
تداخلها ـ وإن بشيء من الإيجاز يدعيه المقام , كما يدعى ذكره .. وقد يراه
البعض إسهابا
1 ـ الكرم :
قال تعالى : " الذين ينفقون فى السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين
عن الناس " آل عمران الآية 134
أي فى اليسر والعسر
قال أبو بكر الصديق  رضي الله عنه : " صنائع المعروف تقى مصارع السوء "
وقيل لحكيم : " أي فعل للبشر أشبه بفعل البارى تعالى " ؟
فقال : الجود
وقال الشاعر :
ويظهر عيب المرء فى الناس بخله        ويستره عنهم جميعا سخاؤه
تغطى بأثواب السخاء قإننى               أرى كل عيب فالسخاء غطاؤه
والكرم لغة : يدل على شرف فى الشيء  فى نفسه , وشرف فى خلق من الأخلاق ,
يقال : رجل كريم وفرس كريم ونبات كريم
وقال الجوهري : الكرم ضد اللؤم , والتكرم تكلف الكرم
أما من حيث الإصطلاح : فقد قال ابن مسكويه : " الكرم إنفاق المال الكثير
بسهولة من النفس فى الأمور الجليلة القدر الكبيرة النفع "
2 ـ السخاء :
أما السخاء لغة : فهو  " يدل ـ كما قال ابن فارس ـ على اتساع فى الشيء
وانفراج منه . وقيل : السخاوة والسخاء والجود والكرم  , والسخي الجواد .
وقيل : السخاء هو الجود والكرم , ومن ثم  يكون السخي هو الجواد والكريم "
وأما السخاء ـ اصطلاحا : فقد قال ابن فارس رحمه الله : " حد السخاء بذل
ما يحتاج إليه عند الحاجة وأن يوصل إلى مستحقه بقدر الطاقة "
وقال ابن حجر " رحمه الله : " السخاء  بمعنى الجود وهو بذل ما  يقتنى بغير عوض "
قال الشافعي رحمه الله :
وإن كثرت عيوبك فى البرايا        وسرك أن يكون لها غطاء
تستر بالسخاء فكل عيب            يغطيه كما قيل السخاء
عن أبى هريرة رضي الله عنه قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "
السخي قريب من الله قريب من الناس قريب من الجنة بعيد من النار والبخيل
بعيد من الله بعيد من الناس بعيد من الجنة قريب من النار ولجاهل سخي أحب
إلى الله تعالى من عابد بخيل "
3  ـ إطعام الطعام :
قال تعالى : " ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم
لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا " الإنسان الآية 8
وعن ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله صلى الله
عليه وسلم : أي الإسلام خير ؟
قال : تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف "  متفق عليه
وقال صلى الله عليه وسلم : " خياركم من أطعم الطعام " رواه أحمد
وقال صلى الله عليه وسلم " أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم
وتكشف عنه كربة أو تطرد عنه جوعا أو تقضى عنه دينا " صحيح الجامع
لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من جبريل عليه السلام فى غار حراء
قالت له خديجة رضي الله عنها : كلا . أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا
والله إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقرى الضيف
وتعين على نوائب الحق " رواه البخاري
ومعنى الكل : الثقيل , فكل من حمل عن آخر أمرا أعياه حمل الكل
وتكسب المعدوم بفتح التاء : تعطيه مالا
وتقرى الضيف بفتح التاء أيضا : تطعمه
والقرى : طعام الضيف
من مظاهر كرم الشيخ ونبله رحمه الله :
حدثنى صديقي الشاعر الشهير والأديب الكبير الدكتور محمد بن عبدي رحمه الله فقال :
بلغني أن جماعة من الرجال كانوا فى سفر داخل موريتانيا ( والظاهر أنهم
كانوا على متن إحدى  سيارات النقل العام ) وكانت ترافقهم امرأة فلم
يشاركوها طعامهم فقلت معلقا ـ والكلام لابن عبدي ـ إن من المؤكد أن الشيخ
بن محمد محمود ليس ضمن هذه " الرفقة "
فتنامى التعليق إلى مسامع الشيخ , وقدمت فى إحدى الإجازات فأرسل فى طلبي
وسألني قائلا : " انت اشتعرف في " ؟
ثم أرسل لي ضيافة معتبرة . انتهي كلام ابن عبدي رحمه الله .
وقد ذكر الدكتور هذه القصة في مقاله و لكنني تعمدت ذكرها لطرافتها
ومحوريتها من جهة , وليطلع عليها من لم يتح له الإطلاع على مقال الدكتور
وحدثني من أثق به أن أحد الشخصيات القيادية علي مستوي مجتمعنا يرافقه شخص
آخر حل ضيفا علي فقيدنا وكانت الأسرة الكريمة تقيم حينئذ بجانب النخيل ,
وبعد برهة قصيرة أقبل الشيخ يجر عجلا مذبوحا , و إن شئت قلت منحورا, ففي
البقر يجزئ الذبح والنحر كلاهما كما هو معروف في بابه
ولما رآه الضيف مقبلا خاطبه قائلا :"الشيخ ذ ال عدلت ل شنه "؟
فأجابه بقوله :الحصول علي الغنم متعذر الآن "واحن مانكد انمبيتوكم افلخل"
   وذبح الفقيد للعجل يحيلنا الي قصة إبراهيم عليه السلام مع ضيوفه كما
ورد في القرآن الكريم : " فجاء بعجل سمين فقربه إليهم " الذاريات الآية
26
مع أنهم "قوم منكرون" لايعرفهم,  فقد ذهب خفية دون أن يشعروا به وأتي
بالعجل المصلي : "فما لبث أن جاء بعجل حنيذ " سورة هود الآية 69
فخدمهم بنفسه وقرب لهم العجل , وتلطف بهم مبالغة فى الإكرام.
أما فقيدنا فيعرف ضيوفه حق المعرفة ,وهو ينزل الناس منازلهم , ولذلك معني
مقابل يؤكد تفانيه في خدمتهم والإحسان اليهم
ذكر الدكتورقى مقاله أن الشريف محمد محمود بن عبدالقادر والمراة الصالحة
الزهراء بنت محمد المصطفي رحمهما الله كانا يطلقان علي الشيخ لقب معن بن
زائدة .
أما أنا فأضيف أن الشاعر الكبير و الاديب الشهير محمد بن بيدر بن الامام
رحمه الله كان يطلق عليه نفس اللقلب أيضا , وقد ذكر ذلك في أبيات يمدحه
بها حاولت الحصول عليها وكانت من  "متطلبات  البحث " التي أخرته
ومعن بن زائدة معروف بالجود والكرم والنبل , فقد رثاه الحسين بن مطير فقال :
ألما علي معن وقولا لقبره       سقتك الغوادي مربعا ثم مربعا
فيا قبر معن أنت أول حفرة       من الأرض خطت للسماحة مضجعا
فيا قبر معن كيف واريت جوده         وقد كان منه البر والبحر مترعا
فتي عيش في معروفه بعد موته          كما كان بعد السيل مجراه مرتعا
ولما مضي معن مضى الجود فانقضي     وأصبح عرنين المكارم أجدعا
إضافة الي ما ذكر الدكتور من توزيعه ملاحف "إسلم الشيخ" فقد بلغني أن أحد
أبناء عمومتنا  من مجوعتنا (أولاد خالي ) أرسل له رسالة شفهية نصها :"
قول للشيخ ان صايب عن يحسب أمنات"
كان رحمه الله يطعم الجفلي كما ذكر الدكتورأيضا وكما قال طرفة ابن العبد :
نحن في المشتاة ندعو الجفلي          لا تري الآدب فينا ينتقر
المشتاة : زمن الشتاء والبرد وذلك اشد الزمان
الجفلي :أن يعم الناس بدعوته إلي الطعام ولا يخص واحدا
الآدب: الذي يدعو الناس إلي الطعام
ينتقر: يطعم الاغنياء و الوجهاء ويترك الفقراء وعامة الناس
تجد علي مائدته الأقارب والأباعد و العلماء و الأميين, كما تجد الوجهاء
قادة الرأي والرعاع من عامة الناس , و تجد المسؤولين و التجار وغيرهم  ,
يخدمهم بيده ليلا و نهارا يمازح هذا ويسري عن ذاك ولسان حاله يقول مع
مسكين الدرامي :
أحدثه إن الحديث من القري       وتعلم نفسي أنه سوف يهجع
ومع حاتم الطائي :
وإني لطلق الوجه للمبتغي القري        وإن فنائي للقري لخصيب
أضاحك ضيفي قبل إنزال رحله          فيخصب عندي والمكان جديب
وماالخصب للأضياف بكثرة القري        ولكنما وجه الكريم خصيب
يمازحهم ويسرى عنهم , مع هيبة ووقار , وترى " وجوههم متهللة " كما قال
الدكتور , وأكثرهم يدعوه شيخنا , لا يكل ولا يمل , كانت تلك عادته , وظل
ذلك دأبه وديدنه فى انواكشوط وكرو وفيهما معا ..
لا تسمع منه أنة أو تأوها , ولا تلاحظ عليه تضايقا مهما كثر ( المرتادون
) , والأغرب من ذلك أنه لا ياكل إلا قليلا , حتى أنك قد تظن أنه لا ياكل
قط !
أخبرنى أحد أقاربنا أنه رحمه الله افتقد ذات مرة أحد الأشخاص المعروفين
فى مجتمعنا لم يحضر فى الوقت اليومي المعتاد فعلق قائلا : " يارب إفرشين
امع فلان أل ما ج اليوم"
و" افرشين " عبارة يمازح بها بعض إخوته الصغار الذين هم جميعا بمنزلة
أبنائه يجلونه ويقدرونه ويحترمونه احترام الأبناء البررة للأب الحاني
قبل عدة أشهر كتب الدكتور إزيد بيه مقالا رائعا بعنوان : " ملاقاة الرجال
لقاح العقول " اطلع عليه كثير من القراء , وكان المقال يتحدث فى مجمله عن
علاقة قديمة بين الدكتور محمد المختار بن اباه حفظه الله ورعاه وبين
الوالد رحمه الله , وهو خال ازيد بيه , شقبق والدته رحمها الله , وابن عم
المرحوم لأبوين شقيقين
وبعد نشر المقال تبادلت مع الدكتور عدة رسائل قصيرة عبر من خلالها عن
اعتزازه وفخره بخاله وابن عم أبيه كما ذكر فى المقال الحديث الذى رواه
الترمذي : " هذا خالي فليرنى امرؤ خاله " , فكتبت له رسالة قصيرة هذا
نصها :" إذا كان داى قد رفع رؤوسنا بالسياسة فإن الشيخ قد رفعها بالكرم
وبمناقب أخرى منها الفتوة " , وهنا الشاهد
ف " لكل امرئ من دهره ما تعودا " كما قال المتنبي يمدح سيف الدولة
و" داى " هي كنية الوالد : عبد الدايم
ثم عمدت إلى كتابة مقال مطول بعنوان : " قراءتي فى مقال الدكتور إزيد بيه
" نال إعجابه وأطراه إطراء يثلج الصدر ويسرى عن النفس  جزاه الله عنى خير
الجزاء
وحدثني أكثر من مرة أنه زار المدينة المنورة أيام كان يدرس بالجامعة فى
سوريا , ودخل على أهلنا أهل اكاي , رحم الله منهم السلف وبارك فى الخلف ’
أما ربة البيت فهي عمتي وخالته  وابنة عم الشيخ لأبوين شقيقين ففاجأها
بقدومه وقال لها ـ دون مقدمات ـ أنا أزيد بيه  , فخرجت عن وقارها فرحا به
وسرورا , وهي الوقورة حد الثبات على الوقار, فقد سئل عمرو بن العاص رضي
الله عنه عن أهم سجية يتحلى بها المرء فأجاب : الثبات على الوقار , وكانت
معها امرأة أخرى من بنات عمومتنا فسألتها ـ  بعد حين ـ عن علاقتها به ,
فأجابتها على الفور بأنه ابن أخيها , وأقسمت لإزيد بيه بعد ذلك بأنها لم
يدر بخلدها ـ حينئذ ـ أنه ابن شقيقتها التى تحبها ’ فكان كل من سألها عنه
بعد ذلك طيلة مقامه هناك تجيبه " هذا ول خوي آن " وتسكت
ولا شك أن الشيخ رحمه الله عمل على ذلك فاستحق تلك المكانة السامية
بجدارة , وخاصة عند أهله وفى مجتمعه بشكل عام
يحكى أن أعرابيا رأى معاوية  مع والته هند ـ وهو لا يزال فتى صغيرا ـ
فقال لها : إن ابنك هذا
سيكون له شأن عظيم فى قومه , فقالت له : ثكلته إ ن كان له شأن فى غير
قومه "                لقد كان للشيخ شأن عظيم فى قومه , وأي شأن !
أما عائشة ـ شقيقة والدي رحمها الله ـ فقد كانت سيدة مجتمع نساء الشناقطة
فى المدينة المنورة ـ بلا منازع ـ حسب علمي  " والباق يكذب إبعد اشهود "
كما يقول المثل الحساني , فلك أن تقارنها ـ دون تحفظ أو مبالغة ـ بأكرم
الرجال وأنبلهم وألينهم عريكة , وأقواهم شكيمة وأعزهم نفسا , وأمضاهم
عزيمة , وأوسعهم جاها عند العامة والخاصة , وأظهرهم زهدا وورعا , وأكثرهم
نفعا , وكل ما تسدى من معروف , وما تبذل من جهد , وما تعانى من مشقة خلال
موسم الحج ـ الذى كان أهلنا أهل اكاى يحرصون عليه كل سنة ـ أو فى غيره,
كل ذلك لا تريد منه  جزاء ولا شكورا متمثلة قوله تعالى : " إنما نطعمكم
لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا " الإنسان الآين 8 , سبق ذكرها
فرحمها الله رحمة واسعة , وتقبل منها ما قدمت , وجزاها عنا خيرالجزاء
لقد صدق الدكتور ووفق حين عنون مقاله بصدر البيت الشهير للبيد حين يقول
في رثاء أخيه لأمه    أربد بن قيس العامري :
     إن الرزية لا رزية مثلها         فقد ان كل أخ كضوء  الكوكب
ذهب الذين يعاش في أكنافهم         وبقيت في خلف كجلد الأجرب
لا ينفقون ولا يرجي خيرهم        ويعاب قائلهم وإن لم يشغب
و الفرق بين الخلف بسكون اللام  والخلف بفتحها هو أن الأولي بمعني الخلف
الطالح  و الثانية بمعني الخلف الصالح  قال تعالي :"فخلف من بعدهم خلف
أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا " مريم الآية 59
يقول متمم بن نويرة يرثي أخاه مالكا بن نويرة :
لقد لامني عند القبورغلي البكا      رفيقي لتذراف الدموع السوافك
فقال أتبكي كل قبر رأيته         لقبر ثوي بين اللوي والدكادك
فقلت له إن الشجا يبعث الشجا         فدعني فهذا  كله قبر مالك
ومن رثاء الفارعة بنت طريف لأخيها الوليد بن طريف :
  فقدناك  فقدان الربيع وليتنا            فديناك من ساداتنا بألوف
حليف الندي إن عاش برضي به الندي       وإن مات لا يرضي الندي بحليف
فيا شجرا الخابور مالك مورقا                كأنك لم تجزع على ابن طريف
وصدق ابن دريد حين قال في مقصورته الرائعة الشهيرة :
والناس ألف منهم كواحد         وواحد كالألف إن أمر عني
وللفتي من ماله ماقدمت          يداه قبل موته لاما اقتني
وإنما المرء حديث بعده           فكن حديثا حسنا لمن وعي
لقد كان الشيخ بحق حديثا حسنا لمن وعي .
فرحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته و ألهمنا الصبر والسلوان في
مصابنا الجلل , ووفقنا جميعا للسير علي دربه , والتأسي بحيانه الطافحة
بالعمل الصالح والمآثر الحميدة في مختلف المجالات وعلي كل المستويات .
فتقبل الله منه وجعل كل ما قدم قي ميزان حسناته ولا حول ولا قوة إلا
بالله العلي العظيم و إنا لله وإنا إليه راجعون .

مولاي بن عبد الدائم بن انداه.