"رزق الضب الذي يأتيه عند جحره" مثل حساني يضرب لما يُحصل عليه دون أدنى عناء، وحكايته أن ذكر الضب عندما يجوع يفرز مادة تشمها الإناث فتأتيه برزقه على مدخل جحره بلا جهد منه.
حفظت هذا المثل طفلا ولكني لأول مرة أشاهد هذا المثل على أرض الواقع، عند متابعتي للفيلم الذي عرضته قناة الجزيرة تحت عنوان "ما خفي أعظم"، والذي تقول المصادر إنه كلف القطريين ثلاثة ملايين دولار تلبية لشرط المرتزق الفرنسي بول باريل.
يبقى السؤال.. لماذا يصر حمد بن خليفة على إهانة والده الشيخ خليفة رحمه الله حيا وميتا؟ ألم يكن يكفي أنه عقه بعزله وأصدر بحقه مذكرة اعتقال دولية وبعد رجوعه للدوحة عزله في بيت بسيط حتى توفاه الله؟ لم أستسغ هذا الحقد الذي يحمله حمد على والده
من المؤكد أن المرتزق بول لم يكن يتخيل في حياته أنه سيحصل في آخر عمره على هذا المبلغ الضخم لعدة أسباب: أولها أنه لم يعد قادرا على تنفيذ عملياته القذرة، والثاني أنه ليس لديه من المعلومات المهمة ما يستحق هذا المبلغ، والثالث أنه لم يكن يتخيل أن يأتيه غبي ليثق في كلامه وينتج منه فيلما وثائقيا، لذلك يكون المبلغ الذي حصل عليه من أموال الشعب القطري مشابها لرزق الضب، ويكون حامل المبلغ (الحاكم القطري) أنثى الضب.
تابعت حلقة المرتزق بول كاملة كما تابعت الحلقات السابقة عن انقلاب الولد على الوالد رحمه الله، وهنا أطرح بعض الأسئلة التي أحدثت تناقضات في رواية "ما خفي أعظم" من الكذب القطري.
إذ.. كيف يقول المرتزق إن الأسلحة جلبت من فرنسا، وبعد ذلك يقول إنه تم شراؤها من مصر؟
لماذا تبيع مصر السلاح وفهد المالكي وشلته السابقة اتفقوا جميعا أن مصر تبرعت لهم بالأسلحة؟
فهد المالكي أيضا قال بعضلة لسانه في الفيلم الأول: إن مركز العملية كان في البحرين، إذا لماذا تنقل بعض الأسلحة التي جلبت من مصر لأبوظبي كما ادعى المرتزق؟
هل تحتاج العملية إلى استئجار ثلاثة آلاف مرتزق من تشاد؟
ولماذا إبلاغ إدريس دبي بالعملية وهي في غاية السرية؟
هل الرئيس الفرنسي هو الذي أمر بإيقاف العملية أم الشيخ حمد بن خليفة رحمه الله؟
لماذا بعد كل هذه التحضيرات لم يكن الشيخ حمد رحمه الله يعلم أن العملية لن تمر دون خسائر؟
بما أن المرتزق بول يخطط لهذه المهمة الخطيرة.. لماذا يذهب مع الشيخ خليفة في زيارة علنية لمصر؟ ألم يكن من الأحرى أن يتستر ويبتعد عن مكان التهم؟
ما دامت الإمارات والسعودية والبحرين ومصر جميعها مشتركة في العملية.. لماذا ترك بول يذهب حرا طليقا في طائرة خاصة؟
لم تكن القصة مقنعة ألبتة، لكن الوزير أنور قرقاش ساعدني عندما كتب في تغريدتين حول فيلم المرتزق الأول "أن المرتزق بول كان يعمل مع الشيخ خليفة رحمه الله حارس أمن"، فهذه المعلومة مهمة جدا، نستنبط منها أن المرتزق بول ربما كان حاضرا للترتيبات الأولى مع رجال الشيخ خليفة عندما كان يحاول التخطيط لترتيب عمل من الداخل يعيده لسلطته الشرعية، أما المعلومة الثانية وهي التي تكشف لب الحقيقة "أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان نصح المرحوم الشيخ خليفة بن حمد بالتصالح مع ابنه، وقبول الأمر الواقع والإقامة بين أهله في الإمارات"، وهذا ما يفسر وقف العمليات، وربما يكون هذا ما لم يستسغه الشيخ خليفة رحمه الله ما جعله يغادر أبوظبي متوجها لفرنسا.
لكن يبقى السؤال.. لماذا يصر حمد بن خليفة على إهانة والده الشيخ خليفة رحمه الله حيا وميتا؟ ألم يكن يكفي أنه عقه بعزله وأصدر بحقه مذكرة اعتقال دولية، وبعد رجوعه للدوحة عزله في بيت بسيط حتى توفاه الله؟ لم أستسغ هذا الحقد الذي يحمله حمد على والده.
استوقفني أيضا تاريخ عرض فيلم المرتزق والحملة التي تبعته على سيد وحكيم الأمة الشيخ زايد طيب الله ثراه، حيث لم يترك النظام في الدوحة حبر كلام أمير الكويت في القمة الخليجية يجف، عندما أعلن أن الحملات الإعلامية تعد أكبر عائق دون تحقيق مهمته لرأب الصدع وإصلاح ذات البين، كان هذا التصرف القطري ينم عن قلة احترام لأمير الكويت الشيخ صباح أطال الله عمره وأبقاه ذخرا لهذه الأمة.