منذ أن أعلن الرئيس بوتين قراره بتزويد سوريا بمنظومة الصواريخ الدفاعية اس 300 ، ينشط ويكد الباحثون الاستراتيجيون الاسرائيليون في دراسة احتمالات الوضع في سوريا والمنطقة بأسرها ، وتأثير كل احتمال على اسرائيل واستراتيجيتها ووضعها الراهن .
وكلفت الحكومة الاسرائيلية ( قبل استقالتها وحل الكنيست ) ، قسم الأبحاث الاستراتيجية في الخارجية والمخابرات الخارجية والاستخبارات بالبحث والتوصل لخلاصات يمكن للحكومة أن تستند لها عند اتخاذها المواقف السياسية والعسكرية .
احدى أهم الخلاصات التي توصلت اليها المؤسسات الثلاث ، ولم تختلف حولها هي : المخاطر التي ستواجهها اسرائيل في حال انتهت المعارك الداخلية في سوريا واستقر الوضع ” حتى ولو نسبيا ” ، وأتاح هذا الاستقرار فرص اعادة البناء بكل ما تعنيه اعادة البناء من معنى ، فالنظرة لاعادة البناء هي شمولها كافة القطاعات العسكرية والصناعية والاجتماعية والتعليمية ، وتخشى هذه المؤسسات الاسرائيلية أن تتم عملية اعادة البناء بمواصفات تفوق نوعيا المواصفات السابقة بمراحل ، فهذا سيحول سوريا بامكاناتها الكامنة الى دولة من أقوى دول الشرق الأوسط ، لكن الخشية الكبرى لدى مؤسسات اسرائيل الاستخبارية والبحثية هي بقاء الرئيس بشار الاسد على رأس البلاد ، وتقدر هذه المؤسسات أن بشار الاسد سيفوز في انتخابات رئاسية تحت اشراف دولي واقليمي ، ذلك أن التقديرات تشير الى ارتفاع شعبيته وتأييد الشعب له بشكل يفوق ما كان عليه قبل سنوات الحرب ، وأن هذا التأييد يأتي بشكل طبيعي وحقيقي ، وليس نتيجة ضغوط مؤسسات الدولة السورية .
بشار الاسد ومقومات الزعامة العربية
تخشى الأجهزة الأمنية الاسرائيلية من احتمال استمرار سوريا وفوز بشار الاسد في دورة انتخابية جديدة ، فهي ترى و” ترسل لشركائها ماتراه ” ، أن نجاح بشار الاسد سوف يغير موازين القوى في المنطقة على الصعيد السياسي ، وسياسة التحالفات الاقليمية وكذلك سوف يحدث تأثيرا كبيرا على الصعيد الشعبي العربي ، فنجاحه سوف يعني أن خط المقاومة مهما طال الزمن هو الذي سينتصر ، والأهم هو أن نجاح بشار الاسد في هذا سوف يمهد له الطريق لقيادة معنوية وسياسية للشعوب العربية ، فهذه الشعوب تعاني من أنظمتها وتحكم القوى الأجنبية بقراراتها ، ونجاح بشار الاسد سوف يحول هذه الشعوب نحوه وهذا هو الخطر الأكبر الذي سيمده بفرصة لقيادة معركة نهوض شعبي عربي على طريقة جمال عبدالناصر ، وترى هذه الأجهزة أن الاسد يمتلك من القدرات الذاتية والدعم الشعبي مايؤهله للعب هذا الدور والتفوق به ، فهو شاب متعلم ومثقف وتعلم هذه الأجهزة أن ثقافة بشار الاسد السياسية هي ثقافة منطقية وجدلية ، فهو محلل بارع وتحليله للأوضاع يستند لمعرفته الواسعة بالجدلية وعلم المنطق وبالثقافة السياسية التاريخية .
وهو اضافة لذلك يستمد من تجربته وتجربة والده دروسا كبيرة تمكنه من تجنب ماسبق لهما أن وقعا فيه من أخطاء مكلفة ، وترى الأجهزة هذه أن لدى بشار حس أمني وتعمق في هذا المجال مما يعكس نفسه على طريقة عمله ، وتحديه لاسرائيل ووسائلها ، وتتواصل دراسة بشار الاسد لدى هذه الأجهزة .
بشار الاسد يمتلك قدرة عقلية على التطوير الفكري ، وتطوير جهاز ومنهج التعليم ليواكب نهضة اجتماعية تدفع سوريا نحو ميدان الصناعة الحديثة ، وهو قادر بتحالفه الاستراتيجي مع موسكو وطهران على تطوير الفكر النضالي العربي ، وتجيير ذلك لبناء قاعدة استناد قوية في سوريا ممكن للشعوب المضطهدة الاستناد لها .