يثير القلق والخوف -حتى لا أقول الهلع- : ذلك، وتلك، وهذا!
1. ذلك التجاذب السياسي والاجتماعي، الذي يمارسه البعض باسمنا -شئنا ام أبينا-، وينطوي أحيانا على دعوات للعنف المجتمعي، أوعلى حالة من التحريض الشرائحي أو التحشيد الجهوي أو الاصطفاف القبلي أو التنابز السياسي أو صراع الأجنحة التائهة أو، أو... ؛
2. وتلك الفضاءات الملغومة والتجاذبات الموهومة المعلبة (اشْرَبْ هَاذَ وَلَّلا نَرَشْمَكْ)، بأدوات تمرير الاشاعات، والتسريبات، والتفسيرات المحكومة بالأماني تارة وبالهواجس تارة أخرى؛
3. وهذا الصراع "العنتري" الدائر خفية بين الأقطابٍ -وفي الجبهة السياسية الواحدة- الذي غايته كسر عظم الخصم، والذي ما سلم من موجاته الارتدادية حتى قاطنوا الشعاب.
قلق وخوف يتوجس لهما معظم العقلاء وسائر الحكماء، وحتى بعض مدعي الحكمة والتعقل مصدرهما:
1. اختلال العديد -حتى لا نقول الكثير- من الأسس والمفاهيم والقيم الدينية والمجتمعية والثقافية وحتى الإنسانية .
2. تراجع مفهوم الدولة لصالح الانتماءات الضيقة والهويات الفرعية، وظهور تأثيرات سلبية لذلك على المجتمع والفرد؛
3. ما يثار باستمرار من التشكيك في هيبة الدولة وفي تجانس أجهزتها وأذرعها وقدرتها على تسيير ومواكبة التغيرات والتحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الحتمية؛
4. رداءة البنية الإدارية التحتية لخلوها من معظم الكفاءات والخبرات بفعل التقاعد والاستقالة الطوعية او الجبرية، مقابل تقليد المناصب الهرمية لأشخاص بلا كفاءات خاصة وبلا إلمام بالقواعد والنظم الإدارية والتسييرية؛
5. ضبابية حاضر ومستقبل عملية وآلية التداول السلمي على السلطة؛
6. ضعف إقناع وأداء الأقطاب والأحزاب والشخصيات المتصدرة للمشهد السياسي بطرفيه موالاة ومعارضة.
سمات ومظاهر تقود حتما لتحولات معقدة وعصية وتنبئ بأيام عصيبة ومصيرية في حياة الوطن تثير القلق والخوف -حتى لا أقول الهلع-.
في لغة أروقة المحاكم مصطلح يدعى "التسوية خارج المحكمة" عادة ما يلجأ إليه المتخاصمون لتلافي خسارة طرف بالكلية، وتفادي دفع مصاريف باهظة وهدر وقت ثمين ونشر غسيل -قد يكون وسخا- بالنسبة للطرف الثاني.
لكن التسوية في حد ذاتها تتطلب شجاعة قصوى فهناك طرف يتفادى خسارة جل -حتى لا نقول كل- ما لديه، وطرف يرى بأن عصفورا في اليد خير من عشرة على الشجرة .
ما أحوجنا اليوم ل"تسوية" تشرك الفريق أصحاب القرار -لا الفرقاء أصحاب الحظوة والحظوظ- والمجاميع السياسية والمجتمعية ذات الوزن -لا ذات الخفة- تقطع الطريق فقط على المغامرين والمقامرين بالسلم الأهلي وباستقرار النظام السياسي. تسوية تُوقف مسار انهيار المنظومتين السياسية والاجتماعية، وتمكن من حسن إدارة دفة منعطف 2019 الإجباري في ظرف دقيق ووقت عصيب ومحيط عاصف قبل فوات الأوان باكتمال تقطيع أوصال النظام السياسي وحرق مراكب العودة -بعد خرقها- على الجميع.