الخلق من اسمى الصفات التي يتزين بها الأنسان ، وعندما أراد الخالق الجليل ، أن يمدح نبيه ورسوله المصطفى علية أتم صلاة وتسليم ، اختار له هذه الصفة فقال: ( وإنَّكَ لعلى خلقٍ عظيم ) . وطيب الفعال والسخاء من مكارم الأخلاق ، ومن جميل ما قاله جبل الشعر المنيف ابو الطيب المتنبي لصاحب الخلق والسخاء:
تركتُ السُرى خلفي لمن قَلَّ مالُهُ .. وأسرَجْتُ أفراسي بنعماكَ عسجدا
وقيَّدتُ نفسي في هواكَ محبةً .. ومن وجدَ الإحسانَ قيداً تقيدا
كنتُ أغبطهُ على حسن خلقه ، وهدوئه وكرمهِ وتواضعهِ ، وسعة صدره وهو يستقبل الناس وأصحاب الحاجات ، وتكاد لا تسمع مايقول وهو يتحدث مع زائريه ،انه أخي وصديقي وجاري ؛ المجتبى ولد محمد فال وزير التجارة ثم وزير الداخلية الموريتانية في منتصف سبعينات القرن الماضي .
صحبني معه في طائرة صغيرة ، الى مدينة (عيون العتروس) شرق موريتانيا والتي تبعد أكثر من سبعمائة كم عن نواكشوط العاصمة الموريتانية ، وتركته مع الوالي ، وخرجت بين مساكنها المتواضعة من الطين ، والتقيت بأهلها الذين ذُهلوا بزيارة رجل من العراق لأقصى مدينة في صحراء موريتانيا ، وكانوا فرحين بي أيما فرح ، وكنت جالساً مع ثلاثة من كبار السن في حانوت صغير وكنت اكلمهم باللهجة الحسانية ( العامية الموريتانية) وجاء رجل متوسط في العمر ، ولما سمع حديثي وانا أرتدي بدلة سفاري ، سأل الرجل القريب منه : ماهذا النصراني المتبيضن ؟، ويعني ( من هذا الأوربي الذي يتكلم بلهجة موريتانيا ) ، فقلت له بلهجتهم ( خل عنك الأخبار أنا ماني نصراني ) وقالوا له أنني عربي من العراق ، فانكب عليّ تقبيلاً ترافقه دموعه وكثرة ترحيبه ، انه شعب الأصالة العربية انهم الموريتانيون الذين قال شاعرهم :
ياقائلاً طاعناً في أننا عربٌ .. قد كذبتك لنا لُسْنٌ وألوانُ
آسادُ حَميَرَ والأبطالُ من مضرٍ .. حُمرُ السيوفِ فما ذُلوا ولا هانوا
كل المحبة لأخي أبي محمد المجتبى ان كان على قيد الحياة فقد انقطعت عني أخباره ، وشوقي وتحيتي الى أهلي الموريتانين الذين بادلوني محبتهم وغمروني بطيبهم وكنت واحداً منهم ، انه الزمن الجميل المخزون في ذاكرتي ...
بقلم الشاعر والكاتب العراقي الكبير: .موفق العاني