لا خلاف على أن أهم منصب قد هُيأ للفريق محمد ولد الغزاوني على طبق من ذهب، بغضً النظر عن الدوافع الحقيقية وراء قرار رئيس الجمهورية بتوريث صديق دربه، وإصرار الأخير على أن يكون حدثاً سياسياً ربما هو الأضخم والأول من نوعه في المنطقة..
موريتانيا أمام موعد خاص سيعطي للعالم انطباعاً جديداً على مدى النضج السياسي، والممارسة الديمقراطية الراقيًة في بلد يتذيًل بلدان العالم الثالث في هشاشة التيسيير والتدبير والبنى التحية،.. في بلد ما يزالُ يعاني مشاكل بنيويًة عميقة وتخلفاً اجتماعيا قلً نظيره.
سيشاهد العالم رئيساً منصرفاً يعلن ترشيح صديق دربه في خطوة تعكسُ الوفاء والعرفان بالجميل لرجل خدم رفيقة بكل إخلاص وصبر.. و سنرى نحن كشعب يتوق إلى التغيير "احتفالية" نرجوا أن تكون بمثابة انتقال سلس وهادئ لسلطة عهدناها لا تؤخذ دون سفك للدًماء والعودة إلى نقطة البداية.
لن يهنأ الرئيس المقبل في منصبه، ولن يهدأ له بال فالتوريث ليس نزهة وتركة سلفه ثقيلة وثقيلة جداً.. فلن يجد الخزائن عامرة ولن يتسلًم وثائق تسديد الديون، ولا حتى دفع النزر القليل منها، لكن الأخطر من كل ذلك هي الأزمات المجتمعية التي ستطرق بابه عند أو هبوط له على كرسيه الوفير..
أحسن المتفائلين لا يرى بوادر لقضاء ديون "الشيخ"، قبل مغادرة الرئيس محمد ولد عبد العزيز، فالمبلغ ضخم وإجراءات سداده ليست بالحثيثة، والدولة في اغلب الأحوال ليست مسؤولة عن تلك العملية برمًتها ولا دخل لها فيها على الإطلاق، ثم أن الرئيس القادم لا يحمل صكً غفران ولا عصا سحرية..!
في الجانب الآخر لأزمتنا المجتمعية التي يبدو أنها أخذت منعطفات خطيرة، سيفرض منعرج "الكراهية" نفسه وبقوة خاصة وأن المُشكل الشرائحي والفئوي ليس نافذة يسهل إغلاقها وإعادة تدوير شخوصها إن لم تكن هنالك إرادة قوية لبسط العدالة وبث روح التعايش بين مكونات الشعب الواحد.
ربما يكون ولد الغزواني "أبرز" رئيس حكم البلد، لمزاوجته بين الظًل والعلنْ، وهي ميزة قد تمنحه القدرة على إدارة ملفات كبرى كان قد أطلع على تفاصيلها أكثر من غيره، لكنه بالمقابل سيكون مطالباً قبل كل شيئ بمحاسبة المارقين من أكلةِ المال العام، ومُروجي الفتن ومن يريدون لهذا الشعب الطيب أن لا يتقدم خطوة إلى الأمام.