عِندما تنكشفُ الأمور ويتضح مستوي الفساد الذي لحقه الرئيس محمد ولد عبد العزيز بالبلاد والعباد, لابد من وقفة تأمل وتفكير في مستقبل الرجل السياسي هل نطالب بمحاكمته علي ما اغترفه من جرائم اقتصادية وسياسية وحقوقية في البلد, أم نطالبه أن يعتزل السياسية ويترك البلد لمن يحكمه.هذه تساؤلات يفكر فيها كل من اكتوي بظلم وقهري الرجل , فكما يقال "إن كنت رايح.. كثّر من الفضايح"،وهذا ما اتبعه ولد عبد العزيز في هذه السنة . فهنا يتعرَّى من كل ساتر دون أن يراعي مصلحة الوطن والمواطن..
وهذا ما ينطبق على الأزمات المؤدلجة عندما تغرس أنيابها في الوحدة والتآلف، فتذرها قاعاً صفصفاً، ويختلط حابلها بنابلها.. فكل شيء يُقحم نفسه فيها أو بالأحرى كل شاردة وواردة عليها أن تتأقلم مع تلك الأزمة، فتُجيَّش جميع مفردات الحياة لخدمة نجاح تلك الأزمة، حتى وإنْ بدت مقحمة ومتناقضة إلى أبعد الحدود، ولعل تلك السيئة تندرج في المنظومة المتسعة التي جُبل عليها "المنتزقون" بعدم الاعتراف بأخطائهم؛ كون هذه الأنفس تتغذى على الكبر والتكبر والتعالي، فبديهيا أنها تدَّعي أنها معصومة من الأخطاء والزلات، فهي أشبه بالملائكة، إن لم تكن هي ملائكة الأرض.
لتصرفات السياسية أو "المراهقة السياسية" التي تنبري في كل ساعة من قبل بعض من الساسة وممن يوصفون بصناع القرار أماطت اللثام عن تحول كافة المجالات إلى كوكتيل من الهرج والمرج، فالكل عليه أن يدخل في المراهنات السياسة التي لا تسير وفق أطر واضحة تمس حياة الشعب، وإنما وفق آلية تدفع إلى تأزّم المواقف. ويوما بعد يوم تتعرى الفضائل ويتعرى معها الأفراد حتى أصبحوا لا يحسون بعريهم، وإنما يتشمتون بالآخرين دون أن ينظروا إلى انكشاف عوراتهم، لذلك شمروا عن سواعدهم ليُرْجِعوا شعوبهم إلى الخلف ملايين السنوات الضوئية، وعليه تساقطت كل الأحلام التي بنتها الشعوب عبر حدودها الوضعية، وتحولوا إلى أبواق في كيل الاتهامات على بعضهم البعض، وهذا يعطي مؤشرا بأن بعض الشعوب على دين حكامهم في كل شيء، لتتحول سنوات العطاء إلى سنوات قحط عجاف، يُنسف فيها ما عُقد عليه الأمل.
لم تحسن الشعوب إدارة أزمة التصادم السياسي بين الساسة؛ لذلك أُدخلوا فيها طوعاً وكرهاً، فكم من عقل متزن وقلم متقن وصوت ذي شجن سقط في وحل التراشق فانزلق إلى هاوية التملق والتكلف، فنسف كل ما قدمه في حق نفسه والآخرين حتى أصبحوا ممن يُطلق عليهم المؤجرين الذين تاجروا بالحياة بكل تفاصيلها، فتغيروا أو ظهروا على حقيقتهم ونظرتهم التي لا تتجاوز عتبة أنوفهم المزكمة بالشهرة.
إنَّ ما تشهده الساحة السياسية من أحداث في عملية الأنتخابات ، يجعلنا لا نأمن عقود الود والتآلف، كون الفجوة تتسع شيئا فشيئا، آخذة معها الأخضر واليابس، ولم نكن نعتقد يوما أن يصرخومثقفينا بحناجرهم ليعبِّروا عن رأيٍّ ليس برأيهم، ليقدموا عبر مسيرتهم السياسية والعلمية أسوأ ما قدموه، وكم تمنينا أن يقف المثقف صامدا أمام اغراء الأنظمة وامتيازاتها حتي يكبح جماحها عن محاولة ابتلاع الشعب وثرواته..
إنَّ الدعوة إلى ستر العورات والعيوب هو مبلغ إنساني بالدرجة الأولى، وقد دللّت عليه كافة الشرائع والأديان، ومهما كانت دسائس العداوة التي تنشب أظفارها، إلا أن العقل البشري يستطيع أن يُفرق بين الصالح والطالح، وليس كل ما يراه الساسة علينا أن نكون فيه طرفاً، فالصمت في مثل هذه الأحداث أبلغ ردًّا وأحكم رأيًا،