بذلت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) ، بقيادة حكيمة متبصرة ورؤية استراتيجية استشرافية لمديرها العام الدكتور سالم بن محمد المالك، جهودا كبيرة ومكثفة للمساهمة في مواجهة انعكاسات جائحة كورونا (كوفيد 19) في الدول الأعضاء بالمنطقة الإفريقية ، تمثلت في تنفيذ عدد مهم من الأنشطة التربوية والثقافية والاجتماعية في إطار تفعيل مقترح الإيسيسكو المتعلق ببناء تحالف دولي للتصدي لجائحة كورونا ، والذي لقي ترحيبا وقبولا من منظمات دولية معتبرة، ومؤسسات عالمية لها مكانتها، أكدت جميعها الانضمام إلى التحالف ودعمه ماديا ولوجيستيا لتحقيق أهدافه النبيلة، ومساعدة الدول الفقيرة لمواجهة تفشي الفيروس، والحد من آثاره السلبية .
وأعربت الإيسيسكو عن تأييدها للمبادرة، التي وجهها العاهل المغربي صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى رؤساء إفريقيا، من أجل إرساء إطار عملياتي بهدف مواكبة البلدان الإفريقية في مختلف مراحل تدبيرها لجائحة كورونا (كوفيد 19)، والتي تسمح بتقاسم التجارب والممارسات الجيدة لمواجهة التأثيرات الصحية والاقتصادية والاجتماعية للجائحة. وأكدت الإيسيسكو، استعدادها للمساهمة في تحقيق الأهداف المرجوة من هذه المبادرة، والتي تنسجم مع أهداف المنظمة ورؤيتها الاستراتيجية، ومع مقاصد المبادرات التربوية والعلمية والثقافية، التي أطلقتها منذ تفجر الأزمة، وذلك من خلال تقديم الدعم اللوجيستي والمشورة والخبرة الفنية، في مجالات اختصاصاتها وميادين عملها. وجددت الإيسيسكو تأييدها لجميع الدعوات التي من شأنها مساعدة الدول الأعضاء، والإفريقية منها على وجه الخصوص، في مواجهة الانعكاسات السلبية الحالية والمستقبلية لجائحة كورونا، وأكدت أن التضامن والتعاون بين الدول هو السبيل الوحيد للانتصار على هذه الأزمة.
ولمواجهة الانعكاسات السلبية لجائحة كوفيد 19 ، شرعت الإيسيسكو بالتعاون مع مؤسسة الوليد للإنسانية في تنفيذ مشروع القوافل التربوية والإنسانية والصحية الذي يهدف إلى تقديم خدمات للشرائح الاجتماعية الفقيرة والمحتاجة في 10 دول إفريقية هي السودان ، والمغرب ، وبوركينافاسو ، وتشاد ومالي، ونيجيريا ، وموريتانيا ، وكوت ديفوار، والنيجر، والسنغال. وتستفيد هذه الدول من مساعدات إنسانية للمحتاجين، وتعزيز قدراتها لإنتاج المطهرات ومعدات الحماية لمنع تفشي فيروس كورونا المستجد، ودعم القطاع الخاص ورواد الأعمال من النساء والشباب، وتقديم مساعدات غذائية للسكان الأكثر احتياجا وتضررا من الجائحة في تلك الدول، وفي مقدمتهم المقيمون في دور المسنين، ومراكز ذوي الاحتياجات الخاصة، ومراكز النساء ضحايا العنف، ودورالأيتام، ومراكز اللاجئين، والمرضى في المراكز الصحية والمستشفيات، إضافة إلى تعزيز قدرات التصنيع المحلية لمنتجات النظافة ومعدات الحماية (المطهرات – الأقنعة الواقية- أجهزة التنفس)، من خلال إعطاء الأولوية وتمكين رواد ورائدات الأعمال في القطاعات المحلية غير الرسمية.
وفي لقاء افتراضي حول موضوع الصحة النفسية وتعزيز الصمود خلال الأزمات ، أشاد رئيس جمهورية بوركينافاسو ، السيد روش مارك كريستيان كابورى ، بعمل الإيسيسكو ومبادراتها لمساعدة الدول الإفريقية في جهود مواجهة الجائحة. كما نوهت السيدة أميرة الفاضل، مفوض الشؤون الاجتماعية بالاتحاد الإفريقي بالجهود الكبيرة التي بذلتها الإيسيسكو لفائدة الدول الأعضاء بالمنطقة الإفريقية والمبادرات المبتكرة التي اتخذتها لفائدة المجتمعات الإفريقية.
وفي احتفالية عقدت بمدينة أبيدجان في الكوت ديفوار، بحضور السيد أداما ديوارا، وزير التعليم العالي رئيس اللجنة الوطنية الإيفوارية للتربية والعلوم والثقافة ، تم تسليم مساعدات بلغت قيمتها 40 ألف دولار أمريكي إلى 18 منظمة غير حكومية قصد توزيعها على السكان المحتاجين. وشملت المساعدات المقدمة مواد غذائية مثل الأرز واللوبيا والذرة والطحين والحليب والزيت والسكر ، ومنتجات طبية للمساهمة في الوقاية من فيروس كورونا المستجد.
وفي إطار تنفيذ برنامجها “منحة تطوير التكنولوجيا لمكافحة كوفيد-19 في العالم الإسلامي”، قدمت الإيسيسكو دعما ماليا للجامعة الإسلامية (IUIU) في جمهورية أوغندا، وذلك لتطوير وتوسيع نطاق إنتاج جهاز مبتكر لتعزيز النظافة الآمنة وتوفير المياه لغسل اليدين كجزء من التدابير الوقائية. ونظرا للنجاح المحققة في هذا المجال ، قررت الإيسيسكو مواصلة الاستجابة لطلبات جامعات كثيرة في الدول الأعضاء لإنشاء معامل لإنتاج المطهرات والأجهزة الخاصة بتوفير الماء والصابون للمواطنين في الأماكن العامة لغسل اليدين.
واستثمارا للتنوع الغوي الفريد الذي تتميز به المجتمعات الإفريقية ، أطلقت الإيسيسكو ضمن مبادراتها في " بيت الإيسيسكو الرقمي " مبادرة جديدة بعنوان ( لغات إفريقيا ، جسور الثقافة والتاريخ ) والتي تتضمن محاور تعليمية وعلمية وثقافية ، على جانب محور اجتماعي توعوي تسعى من خلاله الإيسيسكو إلى نشر الوعي الصحي وثقافة الوقاية في المجتمعات الإفريقية جنوبي الصحراء ، من خلال استخدام لغاتها المحلية. وتندرج هذه المبادرة في إطار الشراكة مع البنك الإسلامي للتنمية لاستخدام الحرف العربي في كتابة اللغات المحلية للمجتمعات المسلمة في إفريقيا وجامعة إفريقيا العالمية في جمهورية السودان ) مركز يوسف الخليفة لكتابة الغات بالحرف العربي ) . وتهدف هذه المبادرة إلى وقاية المجتمعات الإفريقية من فيروس كوفيد 19 ، وتعزيز أدوار اللغات المحلية في مواجهة الطوارئ ، وربط الشعوب الإفريقية بتراثها المكتوب بالحرف العربي ، وإبراز الروابط بين اللغة العربية ولغات جنوبي الصحراء ، ومواكبة اللغات المحلية للتكنولوجيا المعلوماتية ، وايجاد منابر إعلامية باللغات المحلية في إفريقيا ، وتعميم برامج محو الأمية باللغات المحلية. ويتعلق الأمر ب 15 لغة أفريقية محلية وهي : هوسا ، وسواحلية ، وماندنكو ، وفلفلدي ، وولوف ، وفور ، ونوبية ، وبجا ، وبني عامير ، ويوروبا ، وقمرية ، وصومالية ، وزغاوة ، ولوغندا ، وسنغاي. وتستفيد من هذه المبادرة 19 دولة إفريقية هي : أوغندا ، وبوركينافاسو ، وبوروندي ، وتشاد ، وتوغو ، ورواندا ،والسينغال ، والسودان ، وسيراليون ، وغامبيا، وغينيا ، والكاميرون ، والكونغو الديمقراطية ، وكوت ديفوار، وكينيا ، ومالي ، وموريتانيا ، والنيجر ، ونيجيريا. وتتضمن المبادرة أربعة برامج رئيسة هي : الوقاية للجميع ، وحوسبة اللغات الإفريقية ، ومنظومة كتابة اللغات الإفريقية بالحرف العربي ، الكراسي الجامعية.
بقلم : محمود الوادنوني