تمّ مؤخرا الإقحام باسمي في وثيقة نسبَها الإعلام المحلي للجنة التحقيق البرلمانية، في إطار الملف المعروفة باسم "ملف الإنارة الشمسية لمدينة انواكشوط".
ولِما قد يُسببه ذكر اسمي في هذا النوع من الملفات، من تشكيك في نزاهتي وفي قدسية المال العام عندي، لا سيَما لدى من لا يعرفني، فقد قرّرتُ نشر هذا التوضيح علّه يساهم في إنارة الرأي العام ويُطلعه على طبيعة مواقفي وتصرّفي إبان ممارستي لمسؤولياتي في الحقبة الماضية.
لقد قبلت إدارة الشركة الموريتانية للكهرباء لمّا عرض علي الأمر بعد اعتذاري 2008 حين عُرض عليّ منصب وزير الصناعة والمعادن ، وبعد سنة من ذلك عُيّنت على رأس الشركة الوطنية للصناعة والمعادن سنيم؛ وفي مرحلة لاحقة أخذتُ مقاليد وزارة الطاقة والبترول والمعادن حتى أواخر 2013.
وأغتنم هنا هذه الفرصة لأشيد بكفاءة و مهنية كل الذين تعاونوا معي في تلك المهام فهم من يرجع إليهم كل الفضل في نجاح هذه التجربة.
خلال عملي إداريا مديرا عاما لشركة سنيم أشرفتُ على مشروع "گلب 2" وكان غلافه المالي يقترب من مليار دولار ولَم تَشُب صفقاتِ هذا المشروع الضخم أيّ شائبة ولم يكُ محل أيّ تدخّل من طرف نافذين أو مقرّبين من دوائر الحكم آنذاك. كما أكّدَ الأمرَ أمام لجنة التحقيق المسؤولُ التجاري لشركة سنيم، لم تسجّل أيّ ضغوطات أو تدخّلات للتحكّم في الخيارات التجارية للشركة فترة تواجدي على رأسها.
عرفَت فترة إدارتي لدفة وزارة الطاقة والبترول والمعادن صياغةَ وتفعيل منظومة قانونية جديدة للسياسات البترولية. وبموجب هذا القانون استقطبَت بلادنا عددا معتبرا من كبار المستثمرين وعمالقة المختصين في تقنيات التنقيب والاستخراج، وآلت هذه الجهود إلى اكتشافات مهمة في أعماق الحوض الساحلي، من بينها حقل السلحفاة العملاق. كما أفضت تلك السياسة إلى تصدير عدد من رخص الاستخراج من أهمّها (آسكاف، بومي، ورُخص الكوارتز) ثم إلى إنشاء شركة إنتاج الكهرباء من الغاز (SPEG).
إبان نفس الفترة، تصدّرَت موريتانيا بلدان المنطقة في اعتماد وتطوير الطاقة المتجددة وذلك بتفعيل أهم حظيرتين لطاقة الرياح (30 ميغاوات) والطاقة الشمسية (15 ميغاوات). لم تشُب أيٌ من كل هذه الصفقات شائبة، لا من جانب المسطرة القانونية ولا من منظور الجودة.
في شهر يناير 2013، وبعد أن اشرفَت أعمال شق الطريق الجديدة وتوسعة طرق أ خرى وبناء منشآت عمرانية من أرصفة ومرائب على الاكتمال، طرحت السلطات قضية إنارة بعض شرايين العاصمة انواكشوط. وتحاشيا لشق قنوات مكلفة وإتلاف طُرق معبّدة، انتهى الخيار إلى اقتناء مصابيح شمسية مستقلة التشغيل. وكان هذا هو أرشد خيار متاح ،لاسيما أن رئاسة الجمهورية -حسب مسؤولي شركة الكهرباء- كانت قد اقتنت نفس التجهيزات وأكدت رضاها عنها، تكلفةً وجودة.
وباقتراح من شركة الكهرباء وطبقا لاتفاقية مبرمة مع وزارة المالية، أجازت وزارة الطاقة والنفط والمعادن هذه الصفقة، وذلك تمشّيا مع المسطرة والترتيبات القانونية المعتمدة ،إلا آن اللجنة المركزية لشركة الكهرباء سجّلت تحفّظها على كَون المستورِد قد عبّر عن عدم استعداده لدفع الضمانة المالية المعتمدة في الصفقة (1,8 مليون دولار).
ولكي لا تضيع هذه الفرصة سارعَت كل من لجنة رقابة الصفقات وإدارة التشريعات والمصالح المختصة في وزارتي المالية والطاقة ، سارعَت كل هذه الجهات باقتراح صيغة توافقية سمحَت بإرضاء الجميع، وهو أمر تطلّب مصادقة خاصة من مجلس الوزراء المنعقد 21 فبراير 2013.
من وجهة نظري، وعلى مستوى وزارة الطاقة والبترول والمعادن، لم تُرتكَب أيّ مخالفات في هذه الصفقة؛ وقد تمّ إنجازها دون حاجة للعَودة لمسألة الضمانة المالية، التي كانت لب الإشكال.
ومن الجدير بالذكر أن جميع صفقات الطاقة تخضع حصريا لشركة سوملك ولكامل مسؤوليتها، دون أي تدخّل من وزارة الطاقة.
في إطار هذه الصفقة التي تبلغ قيمتها ستة ملايين دولار أمريكي والتي، كما أسلفتُ، ليست محل خلاف، زُجّ باسمي بكل سوءِ النِّيَةِ المعتاد في مثل هذه الظروف.
بحكم اختصاصي، كدكتور في الجيولوجيا، كنت قبل 2008 موظّفا ساميا في إحدى كبريات شركات المعادن على مستوى العالم. بعد 2013، عدتُ إلى العمل الخصوصي في ميدان الطاقة والمعادن والبيئة. بين هذين التاريخين شغلتُ مناصب سامية بمسؤوليات جسيمة، خدمتُ من خلالها بلدي. لم أتهرّب يوما من مسؤوليات لي مباشِرة كانت أو غير مباشِرة. ولستُ أنوي -وبعد تجاوزي عتبة الخمسين من العمرلله الحمد- تدشين مسارٍ مُخالِف.