هل يكون عصا ولد الشيخ احمد حلاً سحريا.. أم بائع جديد للوهم؟! | صحيفة السفير

هل يكون عصا ولد الشيخ احمد حلاً سحريا.. أم بائع جديد للوهم؟!

أربعاء, 17/08/2016 - 16:02

مغاربي آخر يتولى "المهمة المستحيلة" في اليمن، وحتى وقت قريب كان من الوجوه الصاعدة في الأمم المتحدة.

يتحدث بمثالية مغرقة بالتفاؤل في وضع متفجر ومعقد نسبيا بسبب العداوات التاريخية، وكأن النوايا الحسنة والخطط الغامضة المليئة بالثقوب وحدها قادرة على صنع السلام..

يوصف بأنه تعامل مع القضايا التي كلف بها في مناصبه الدولية المختلفة بحرفية الدبلوماسي وعقلية الاقتصادي، فحقق نجاحات في بعض الملفات الكبرى، من بينها جهوده في مواجهة "إيبولا" التي ساهمت في الحد من انتشار الوباء الذي اجتاح غينيا، وليبيريا، وسيراليون، وهدد بلدانا أخرى في الغرب الأفريقي .

لكن مناكفين له يتحدثون عن مسيرة مهنية له مليئة بالثغرات ومحطات الفشل، فضحايا "إيبولا" تضاعف مع وصوله إلى أفريقيا، وواصل الأفارقة نزيفهم من هذا المرض القاتل.

ويقول مقربون منه إنه يمتلك قدرة كبيرة على الاستماع، والصبر على التفاوض.

عرض اسمه من قبل الأمين العام للأمم المتحدة على الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، ووافقت عليه 4 دول، لكن روسيا رفضته، وتمسكت ببقاء جمال بن عمر.

جاء خلفا للمغربي بن عمر الذي أعلن في نيسان/ أبريل عام 2015 تنحيه عن منصبه كمستشار خاص للأمين العام للأمم المتحدة حول اليمن، بعد أربع سنوات أشرف فيها على العملية السياسية الانتقالية في البلاد منذ عام 2011.

يوصف إسماعيل ولد الشيخ أحمد، المولود عام 1960 بالعاصمة الموريتانية نواكشوط، بأنه دبلوماسي يغلف خطواته بالاقتصاد، استنادا إلى خبراته ودراسته الأكاديمية فهو درس في جامعة "مونبلييه" بفرنسا وحصل منها على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد، وانتقل إلى جامعة "مانشستر" بالمملكة المتحدة وحصل على شهادة الماجستير في تنمية الموارد البشرية، ثم التحق بكلية "ماستريخت" للدراسات العليا بهولندا فحاز شهادة متقدمة في الاقتصاد وتحليل السياسات الاجتماعية.

عمل بعد تخرجه موظفا بمفوضية الأمن الغذائي في موريتانيا لمدة عامين، قبل أن ينتقل للعمل في وظائف مختلفة بهيئات تابعة للأمم المتحدة، منها مديرا في صندوق الأمم المتحدة للطفولة ‏(يونيسف‏) في نيويورك، ثم نائب المدير الإقليمي "الـيونيسف" في شرق وجنوب شرق آسيا، كما شغل منصب ممثل "اليونيسيف" في جورجيا.

وشغل أيضا منصب المنسق المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سوريا ما بين عامي 2008 و2012، وتولى المهمة نفسها في اليمن بين عامي 2012-2014.

في مطلع 2014، عين نائبا لمبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا، ثم اختاره الأمين العام للأمم المتحدة في كانون الأول/ ديسمبر عام 2014 ليكون مبعوثه الخاص لتنسيق جهود مكافحة فيروس "إيبولا" الذي اجتاح دولا عديدة في غرب القارة الأفريقية. وفي نيسان/ أبريل 2015 عين مبعوثا أمميا لليمن خلفا لجمال بن عمر الذي اتهمته دول التحالف العربي "بعدم النزاهة وتسببه في تسهيل الأجواء للحوثيين لاحتلال العاصمة اليمنية صنعاء".

ويشهد اليمن فوضى أمنية وسياسية، بعد سيطرة جماعة الحوثيين على المحافظات الشمالية منه وفرض سلطة الأمر الواقع، مجبرة السلطات المعترف بها دوليا على الفرار لعدن، جنوبي البلاد، وممارسة السلطة لفترة وجيزة من هناك، قبل أن يزحف مقاتلو الجماعة باتجاه مدينة عدن ويسطرون على أجزاء فيها من ضمنها القصر الرئاسي.

وفي آذار/ مارس العام الماضي، بدأت طائرات تحالف عربي تقوده المملكة العربية السعودية، قصف مواقع عسكرية لمسلحي جماعة "الحوثي" وحلفائها من القوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح ضمن عملية "عاصفة الحزم"، التي تقول الرياض إنها تأتي استجابة لطلب الرئيس عبد ربه منصور هادي بالتدخل عسكريا لـ"حماية اليمن وشعبه من عدوان الميليشيات الحوثية".

والشهر الماضي رفضت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا خارطة الطريق التي طرحها ولد الشيخ أحمد لإنهاء النزاع القائم في اليمن. ويتضمن هذا التصور- وفقا لبيان المبعوث الأممي- إجراء الترتيبات الأمنية وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي 2216، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل على إعادة تأمين الخدمات الأساسية وإنعاش الاقتصاد اليمني، كما تتولى حكومة الوحدة الوطنية، بموجب هذه الخارطة، مسؤولية الإعداد لحوار سياسي يحدد الخطوات الموالية الضرورية للتوصل إلى حل سياسي شامل ومنها الخارطة الانتخابية، وتحديد مهام المؤسسات التي ستدير المرحلة الانتقالية، وإنهاء مسودة الدستور.

واعتبر سياسيون يمنيون أن تقرير المبعوث الدولي إلى اليمن، "كان مخيبا للآمال، بل أعطى مؤشرات واضحة لشرعنة الانقلاب الذي قاده الحوثيون وقوات علي عبدالله صالح على سلطات الدولة الشرعية، وهو منحنى جديد يفتح الأبواب لصراع سياسي دائم في البلاد".

واعتبر رئيس الدائرة الإعلامية لحزب "التجمع اليمني للإصلاح" علي الجرادي، أن إحاطة ولد الشيخ بعد أكثر من خمسين يوما من "تدليل وفد الانقلاب يذكر اليمنيين بدور الأمم المتحدة ومبعوثها السابق في شرعنة تسليم العاصمة صنعاء باتفاق السلم والشراكة" في إشارة منه إلى بن عمر، مبعوث الأمم المتحدة السابق لليمن.

من جهته، أكد رئيس منتدى الجزيرة العربية للدراسات، نجيب غلاب، أن الإحاطة التي قدمها ولد الشيخ تمثل "الحد الأدنى للخروج من مأزق الحرب والتحول إلى السلام، لكنها لم تتحدث عن أي ضمانات أو تضع تفاصيل للخطوط العريضة التي تحدث عنها".

ولم تستبعد قبول الأطراف اليمنية بالخارطة الأممية، لكن اعتراض الحوثيين و"حزب المؤتمر" الذي يتزعمه صالح على تفاصيلها سيكون حاضرا بقوة في المشهد.

 وهذا الأمر كفيل باستمرار الصراع، مما يهدد ببقاء سلطة الحركة الحوثية وحلفائها مسيطرة على صنعاء، يقابلها ترتيبات تجريها الحكومة الشرعية في عدن، وبالتالي تبدأ معركة أخرى لتحرير صنعاء سيكون للجهود المحلية الدور الأبرز فيها مع دعم إقليمي ودولة للشرعية.

ويرى الدبلوماسي اليمني عبدالوهاب العمراني، أن ولد الشيخ يسير على نهج سلفه جمال بن عمر، حينما كان متفائلا على طاولة الحوار الذي طال أمده في فندق (موفمبيك) بصنعاء، في الوقت الذي كان الرئيس هادي -المعترف به حينها لدى طرفي الانقلاب- تحت الإقامة الجبرية. مؤكدا أن "كلا الرجلين (...) دأب على بيع الوهم لليمنيين من سياسة تسويق الآمال، والتبشير بحل شامل مرتقب".

أطراف يمنية عديدة ترى أن مشاورات الكويت المنعقدة حاليا لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في "جنيف 2" بحيث تكون "المبادرة الخليجية"، و"الحوار الوطني"، و"القرارات الدولية" المرجعيات الوحيدة لأي محادثات، يرون أن ما يقوم به ولد أحمد "التواء عليها وتدليس"، من خلال إعادة "اتفاق السلم والشراكة سيئ الصيت"، ما يفسر أن "هناك مسعى لفرض أمر واقع دولي يكرس لأمر واقع محلي، بناء على "سياسة الغلبة"، بحسب تصريحات عديدة لهم في الأيام الماضية.

و"السلم والشراكة" هو عبارة عن اتفاق سياسي رعاه المبعوث الأممي السابق، جمال بن عمر، في اليوم ذاته الذي اجتاح فيه الحوثيون العاصمة صنعاء في أيلول/ سبتمبر عام 2014، ووقعت عليه الرئاسة اليمنية والقوى السياسية تحت ضغط المعطى الجديد في العاصمة.

هل ينضم ولد الشيخ أحمد إلى قائمة المبعوثين الأمميين الفاشلين مع اشتداد المعارك بين قوات "المقاومة الشعبية" و"الجيش الوطني" المؤيد للشرعية، والحوثيين وقوات المخلوع صالح قرب صنعاء!؟

القائمة تضم أمثال بن عمر، ومارتن كوبلر، وبرناردينو ليون، وهي قائمة قابلة للزيادة لأنها لا تملك أي ضمانات للتنفيذ، وتحتاج إلى عصا غليظة دولية وإقليمية لمعاقبة من يرفض أو يتلاعب في التنفيذ.

قائمة طويلة من الوسطاء الذين جاءت بهم الأمم المتحدة مناطق الصراع في الوطن العربي كوسطاء بين أطراف النزاع في سوريا والعراق وليبيا واليمن، جميعهم تحدثوا بثقة لا تقبل الشك بأن أبواب الحل مفتوحة، وبأن الأطراف توشك أن توقع على اتفاق ينهي الانقسام والحرب في البلاد.

لكن، واقع المنطقة في السنوات الخمس الماضية يشير إلى أن نتائج هؤلاء الوسطاء كانت حصيلتها فشل وخيبات أمل وتضارب مصالح، فالحل ليس بيد هؤلاء وإنما في يد أطراف النزاع الرئيسية واللاعبين الكبار، ووسطاء الأمم المتحدة، أصاحب بدلات " بير كاردن" و"كالفين كلاين" إكمالا للدور الشكلي الذي تلعبه الأمم المتحدة منذ إنشائها.

 

المصدر