تستقبل النساء الروسيات اليوم العالمي للمرأة ،الذي يصادف 8 مارس من كل سنة، بفرحة لا توصف وشعور بالفخر. كيف لا وهن يحظين خلال هذا اليوم بمعاملة خاصة وتقدير قل نظيره من طرف أفراد العائلة والأقرباء والأصدقاء وزملاء العمل والمعارف.
المجتمع الروسي درج خلال هذا اليوم ،الذي يعد من الأعياد الهامة في أجندة الاحتفال في روسيا تاريخيا ، على الاحتفاء بالنساء الروسيات وتقدير دورهن في مختلف مناحي الحياة وإبراز عطاءاتهن وتفانيهن في أداء واجبهن من كل المواقع التي يشغلنها، سواء كن زوجات أو أمهات أو موظفات أو عاملات بسيطات أو مسؤولات بارزات في هرم الدولة.
وتقدم لهن بالمناسبة باقات الورود والهدايا وتشنف أسماعهن بمختلف عبارات الحب والتقدير والود، كما تقدم لهن أصناف شتى من الأطعمة والحلويات ،التي تعد خصيصا لهذه المناسبة، كما يقدم الأطفال بالمناسبة الهدايا لأمهاتهم وجداتهم ومعلماتهم ومربياتهم.
واعتبارا للمكانة الخاصة التي تحظى بها المرأة في المجتمع الروسي، قررت الدولة منذ سنة 1965 منح عطلة وطنية رسمية خلال هذا اليوم ،تكريما للمرأة الروسية وعرفانا بما أسدته من خدمات جليلة للوطن منذ مئات السنين ليتسنى للجميع الاحتفال بهذه المناسبة الغالية على الوجه المطلوب.
وفي الثامن من مارس تغلق المصالح الحكومية والإدارات والأبناك بروسيا أبوابها وتقل وسائل المواصلات عن المعدلات الطبيعية، ويحتفل أرباب العمل، في اليوم الذي يسبق 8 مارس، بالموظفات العاملات لديهم بجلب هدايا تذكارية لهن وتقديم عبارات الشكر والامتنان لهن على الخدمات الجليلة التي يقدمنها وتفانيهن في أداء واجبهن.
كما تنتهز مختلف القنوات التلفزيونية الروسية والمحطات الإذاعية العمومية والخاصة والجرائد والمجلات هذا اليوم لتسليط الضوء على المنجزات ،التي حققتها النساء الروسيات على مدى قرون في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والثقافية، حيث تبث أشرطة وأفلاما وثائقية تستعرض بطولات وتضحيات نساء روسيات خالدات، وتعمل على نقل مظاهر الاحتفال بهذا اليوم في مختلف أرجاء البلاد.
كما تعرض وسائل الإعلام الروسية بالمناسبة السير الذاتية لنساء بصمن التاريخ الروسي وشهد لهن العالم أجمع بالفرادة والتفوق، كالحاكمة الروسية (كاثرين العظيمة) التي حكمت الإمبراطورية الروسية ما بين 1762 و 1796، ورائدة الفضاء الروسية فالنتينا تيريشكوفا ،التي كانت أول امرأة تصعد إلى الفضاء سنة 1963، وفيرا موخينا، التي تعد واحدة من أعظم النحاتين في العالم، والشاعرة الروسية الخالدة أنا أخماتوفا، وعالمة الرياضيات الشهيرة صوفيا كوفاليفسكايا، وغيرهن من النساء الروسيات الخالدات.
وبالموازاة مع ذلك، تنظم بالمناسبة برامج حوارية في مختلف القنوات التلفزية والإذاعات تستضاف خلالها فاعلات جمعويات وسياسيات ونقابيات وحقوقيات لمناقشة واستعراض المنجزات التي حققتها النساء الروسيات في مختلف المجالات وسبل تثمينها وتعزيزها في المستقبل، وكذا الإكراهات والتحديات التي تقف حجر عثرة أمامهن وسبل تجاوزها والتخفيف من حدتها.
ولا شك أن المرأة الروسية أثبتت، على مر العصور، قدرتها على تجاوز الصعاب والتغلب على التحديات، ولم تتوان في النضال من أجل خدمة قضايا أمتها، على قدم المساواة مع الرجل، وظلت محافظة على دورها داخل الأسرة دون أن تتنازل عن مشاركتها الفاعلة في بناء مجتمع يليق بثقافة روسيا وتاريخها، لتنحت تاريخا خاصا بها أصبح مدعاة فخر للأمة الروسية في شتى العلوم والميادين.
وعلاوة على دورها المميز داخل الأسرة وتحملها أعباء تربية ورعاية الأبناء والاهتمام بأمور البيت، تضطلع المرأة الروسية بدور مميز في المجتمع من خلال نشاطها وحضورها الوازن في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن حضورها الثقافي المميز، كيف لا وهي سليلة حضارة عريقة ضاربة في القدم.
كما تسجل النساء الروسيات حضورا سياسيا وازنا حيث يضمن البرلمان الروسي تمثيلية ما لا يقل عن 60 امرأة من أصل 450 برلمانيا ، وتتولى فالنتينا ماتفيينكو، رئاسة المجلس الفيدرالي للاتحاد الروسي (الغرفة السفلى للبرلمان )، وكانت قد شغلت من قبل منصب عمدة سان بيترسبورغ ، ثاني أكبر المدن الروسية، خلال الفترة ما بين 2003 و2011.
*و.م.ع