"قطع رأس شخص بشفرات حادة، ثم إعادة وصلها في جسم آخر"..هذا ليس مشهدا من فيلم رعب، بل هي جراحة طبية معقدة، ينوي الجراح الإيطالي سيرجو كانافيرو إنجازها بمعاونة 150 طبيبا وممرضا، أواخر العام الحالي، لتكون أول عملية جراحية في العالم لزراعة رأس كامل، مؤكداً أن حظوظ نجاحها مرتفعة للغاية، لكنها تواجه انتقادات وتشكيكا في جدواها ونجاحها.
ويمهد نجاح هذه العملية لإعادة الأمل لذوي الإعاقة في العيش مجددا بشكل طبيعي، وسيكون أول المستفيدين من نجاحها فاليري سبيريدونوف، وهو عالم كمبيوتر روسي موهوب مصاب منذ صغره بضمور مزمن في العضلات.
وأعلن الجراح الإيطالي كانافيرو مؤخرا تفاصيل جراحته المقبلة، بالتعاون مع الجراح الصيني الدكتور شياو بينغ، مشيرا إلى أنه سيقوم بزرع رأس العالم الموهوب سبيريدونوف في جسم سليم لأحد المحكوم عليهم بالإعدام.. وستستغرق العملية قرابة 36 ساعة بتكلفة 10 ملايين دولار، ويشارك فيها قرابة 80 جراحا آخر، حسب جريدة (The Cavalier Daily) التابعة لجامعة فيرجينيا الأمريكية.
ونقل موقع "Science Times" المعني بالأخبار العلمية مؤخرا عن الجراح الإيطالي تأكيده أن حظوظ نجاح هذه العملية تصل إلى 90%.
وأضاف الموقع أن العالم الصيني شياو بينغ، الذي سيشارك في العملية، حقق إنجازات منقطعة النظير في عمليات من هذا النوع أجراها على الفئران تجاوز عددها الألف، وأوضح أن العملية ستتم بقطع رأس المتطوع وسحب نخاعه الشوكي وزرعهما في جسد توفى حديثاً، ليجري في ما بعد تحفيزهما بواسطة نبضات كهربائية بعد شهر من الغيبوبة.
ويعاني الشاب الروسي المتطوع منذ صغره من ضمور مزمن في العضلات، والمصابون بمثل هذا المرضى لا يمكنهم العيش أكثر من 20 عاماً، إلا أن سبيريدونوف تمكن من المقاومة وتجاوز عمره الثلاثين عاماً، لكن حالته الصحية تسوء عاما بعد آخر، وهو مصر على المخاطرة بإجراء هذه العملية المعقدة والفريدة.
وكان المتطوع أدلى بتصريح، سنة 2015، للصحافيين، قاله فيه ممازحاً إن أول شيء سيقوم به بعد زراعة الرأس أن يذهب في رحلة استجمام.
وأضاف سبيريدونوف: "إذا تكلمنا بجدية، فالعملية المرتقبة هي فرصة لاستعادة أناس يعانون من إعاقات خطيرة لحياتهم الطبيعية..أنا أريد أن أحس بما يشعر به الإنسان المعافى".
خطوات العملية
وقدم كانافيرو شرحا للطريقة التي سيستخدمها لإجراء العملية، وتتلخص في قطع رأس الشخص الذي سيخضع للجراحة بشفرات حادة، ثم تبريد رأس المستقبل وجسم المتبرع قبل إجراء العملية بهدف إطالة فترة حياة الخلايا بدون أوكسجين، إذ سيتم تشريح الأنسجة القريبة من العنق، كما سيتم توصيل الأوعية الدموية باستخدام أنابيب دقيقة.
وسيتم قطع النخاع الشوكي لكلا الشخصين، ونقل رأس المستقبل إلى جسم المتبرع، وهذا يشمل وصل الأوعية الدموية في العنق والأعصاب والمجاري التنفسية، ليتم العمل على دمجها وتوصيلها بالنخاع الشوكي باستخدام مركب كيميائي خاص يسمى "البولي إيثيلين جلايكول"، وبعد العملية سيوضع الشخص في غيبوبة لمدة شهر لمنعه من الحركة؛ ثم سيتم إعطاؤه أدوية لمنع رفض جهاز المناعة في الجسم للرأس المزروع، وبعد استيقاظه سيتم إخضاعه لعلاج فيزيائي، ويتوقع أن يتمكن من المشي خلال سنة.
انتقادات وتشكيك
ويرى منتقدو العملية أنه لا توجد أدلة علمية كافية لدعم وجهة نظر الجراح الإيطالي وفريقه، وأن عليه أن يبدأ بإجراء هذه العمليات على الحيوانات قبل أن يحاول تطبيقها على البشر، وأنه إن كان ما يقوله صحيحا فالأولى أن يستغله في مساعدة المرضى المصابين بالشلل قبل محاولة زراعة رأس.
فيما يشكك البعض في إمكانية إعادة وصل النخاع الشوكي وأعضاء أخرى، ويعتبرها معضلة لم يتناولها الجراح الإيطالي في خطته الطموحة، إذ يشير رئيس جراحة الأعضاء في جامعة إلينوي، الدكتور خوسيه أوبرهولزر، إلى أن إعادة وصل النخاع الشوكي هي عملية لم تحصل من قبل وتمثل تحديا كبيرا، إلى جانب إعادة زراعة أعضاء كثيرة أخرى.
يُذكر أنه عام 1970 أجريت عملية زراعة رأس قرد على جسم، ولكن القرد توفي بعد ثمانية أيام لأن مناعة الجسم رفضت الرأس. كما أجريت زراعة رأس لستة قرود عام 1971، ولم يعش أي منها أكثر من 24 ساعة.
وفي عام 2016، أعلن فريق من كلية الطب بجامعة كونكوك في كوريا الجنوبية، نجاحه في إثبات إمكانية إعادة توصيل حبل شوكي مقطوع، تمهيداً لعملية زرع رأس.
ونشر الفريق "فيديو" لبعض الفئران تحرّك أطرافها بعد أسبوعين من العملية، بعدما قطع العمود الفقري وفشلت إعادة ربطه مرة أخرى، مشيرا إلى أنه بالإمكان وصل العمود الفقري بعد قطعٍ كامل، الأمر الذي يعني للبعض شيئاً واحداً، وهو إمكانية زرع الرؤوس.