تعتقد مجموعة "بلومبيرغ" الإعلامية الدولية أن عزل رئيس زيمبابوي روبرت موغابي عن الحكم لا يعني بدء إصلاحات ديمقراطية، بل مجرد إعادة ترتيب القيادة في البلاد.
وأشارت الوكالة في تقرير نشر اليوم الخميس بقلم الباحث، هوفارد تشوا يوان، إلى أن موغابي الذي بقي في كرسي الرئاسة 37 عاما، منذ إعلان استقلال زيمبابوي في عام 1980، أصبح خلال هذه الفترة شخصية منبوذة بالنسبة لمعظم دول العالم، بسبب اضطهادات سياسية نفذها داخل البلاد.
وذكر التقرير أن سقوط موغابي لم ترافقه احتفالات شعبية في الشوارع، مثل ما كان عند تفكك "التكتل السوفيتي" شرق أوروبا في أواخر الثمانينيات أو الإطاحة بنظام فرديناند ماركوس إثر "الثورة الصفراء" في الفلبين عام 1986، حيث كان الناس يعربون بصوت عالٍ عن توقعاتهم بإطلاق عملية ديمقراطية في دولهم.
ونوّهت "بلومبيرغ" بأن موغابي وجد نفسه وسط شبكة من المؤامرات والخيانات، مضيفة أن قائد القوات المسلحة الجنرال قنسطنطينو شيوينغا هو حليف نائب الرئيس المنفي إمرسون منانغاغوا، أحد أبرز خصوم موغابي وزوجته غريس، والأخير كان يترأس أجهزة الأمن أثناء فترة الصراع مع الحكومة البيضاء ويعرف بـ"التمساح".
وينص التقرير على أن المسار الديمقراطي لم يكن سبيلا مثمرا بالنسبة لمن يمتلك تطلعات سياسية حقيقية في زيمبابوي أثناء فترة حكم موغابي، غير أن العسكريين لا يفعلون شيئا لتغيير ذلك عقب عزل الرئيس.
ونقل التقرير عن الكاتب والمحلل في "بلومبيرغ" إيلي ليك قوله: "تستحق هذه البلاد مستقبلا أفضل، والأوان لم يفت بعد للعسكريين أن يستعدوا للانتقال الحقيقي إلى الديمقراطية وإطلاق نداء لإجراء انتخابات، غير أن الجنرالات لن يقدموا على ذلك، ويبدو أنهم كانوا يمهدون الطريق لتغيير المستبد بأحد مناصريه".
وقارن التقرير بين الأحداث الأخيرة في زيمبابوي والإطاحة بحكم حسني مبارك في مصر عام 2011، موضحا أن الجنرالات في زيمبابوي استفادوا من تجربة زملائهم المصريين الذين استخدموا "الثورة العربية" لضمان أن الرئيس مبارك المدعوم من قبلهم لن يحدد نجله جمال خليفة له.
ونقلت "بلومبرغ" عن الناشط والمحلل السياسي طوني كارتون إشارته إلى أن العديد من الضباط في زيمبابوي تلقوا تدريبا في جامعات مصر، واستطاعوا منع انتقال الحكم من موغابي إلى زوجته.
ولا تتوقع الوكالة أن يقدم العسكريون على الإطاحة بموغابي علنا، موضحة أن الرئيس المعزول البالغ 93 عاما من العمر يبقى رمز الثورة والصراع من أجل استقلال البلاد.
وأفاد التقرير بأنه من غير المرجح حدوث أي تغير نحو الديمقراطية في البلاد، وخاصة في ظل معلومات تحمّل منانغاغوا المسؤولية عن الوقوف وراء حملة أمنية دموية أطلقها الجيش جنوب البلاد في الثمانينيات ضد أقلية نديبلي، وقد يصل عدد ضحاياها إلى 20 ألف شخص.
واستنتج التقرير أن العسكريين في زيمبابوي قد يحاولون استخدام التجربة المصرية، حيث ارتفع حجم الاستثمارات الأجنبية منذ وصول عبد الفتاح السيسي إلى الحكم كشخصية مدعومة من قبل الجيش ومقبولة من قبل المجتمع الدولي.
وتابع التقرير أن هذا الخيار يشكل فرصة وتهديدا بالنسبة لجنرالات زيمبابوي على حد سواء، موضحا أن الاعتراف الدولي بالقيادة الجديدة سيسفر على توطيد السيطرة على القوات المسلحة وأجهزة الأمن في البلاد، بينما قد يستخدم المجتمع الدولي نفوذه المالي لإطلاق إصلاحات سياسية شاملة، لكن مهما كانت تطورات الوضع، فإن وجه زيمبابوي الجديد يحظى حاليا بدعم من الصين، أحد أكبر الحلفاء الأجانب للبلاد.