هنالك خلط كبير لدى البعض، يتصور ان من يقف ضد " جماعة الإخوان المسلمين" فانه يقف ضد الإسلام، يتصورون الاخوان المسلمين جماعة تمثل الإسلام او لنقل أحد الجماعات التي تعمل على رفعة الإسلام ومنعته. ومن يختلف معهم في الرأي او يعاديهم هو معادي للإسلام.
هو مخطئ، فجماعة الاخوان المسلمين التي انشأها حسن البنا (رحمه الله) لا يمثلون المسلم الذي يعمل بالسياسة بل يمثلون السياسي الذي يرفع الإسلام كشعار والفرق قد يكون مخلوطا على البعض.
المسلم السياسي يكون خلقه الإسلام ويعمل بالسياسة، فهو يتحلى بخلق المسلم وتعاليم الإسلام ويعمل في السياسة، التي تعنى إدارة شئون الدولة والمجتمع من اجل خير المجتمع ورفاهيته. أقرب مثال على ذلك اليد سوار الذهب الرئيس السوداني السابق.
اما السياسي الي يرفع شعار الإسلام، فهو يستعمله للوصول الى قلوب الجمهور التواق للإسلام ورفعته وعزته، هذا شعار مرحلي، وبعد الوصول يبقى الشعار شعارا ويطبق بعض قواعده ولا مانع لديه من مخالفته إذا كان في المخالفة فائدة سياسية، وامثلة هذا كثيرة:
" حماس " في غزة لم يكن لديها مانع من التعامل والتحالف مع إيران مع ان النظام الإيراني وفي الدستور الإيراني ينص نصا صريحا على مبدأ تصدير الثورة بمعناها الإيراني وهو تصدير عقيدة الشيعة الاثنا عشرية، بل وينص على ان جميع الدول يجب ان تذعن للولي الفقيه الإيراني الاثنا عشري.
وكذلك حزب العدالة والبناء المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا الذي رفض نتائج انتخابات مجلس النواب الليبي المنعقدة في 25/6/2014 حيث أظهرت النتائج نجاح الأحزاب والتنظيمات الليبرالية والشخصيات المستقلة المدنية وحصول الاخوان وتيار الإسلام السياسي على 23 مقعدا من أصل 200. ورفض الإخوان المسلمين الليبيون حل المؤتمر الوطني العام الذي اعتبر منتهي الصلاحية بظهور نتائج انتخابات مجلس النواب وادخلوا ليبيا في حرب مليشيات ما زالت مستمرة دمرت البنية التحية والاقتصاد، حرب يمول المليشيات دولة قطر التي تعتبر الآن المأوى للإخوان المسلمين في العالم العربي وتركيا التي تعتبر الملاذ الأكبر لهم. وحزب النهضة التونسي المتهم بقتل مخالفين له ووجود تنظيم سري مليشياوي مسلح كما هو منشور ومعروف.
فكر الاخوان المسلمين ينقسم الى قسمين، الفكر الشائع وهو المحافظ على اساسيات العمل الإسلامي الذي لا يختلف عليه جل المسلمين، وفكر آخر يجب ان يكون الانسان مطلعا على كتبهم ومراجعهم ولا يكتفي بالشعارات او المنشور للعموم عن طريق كتيبات ونشرات بسيطة.
منشأ جميع الحركات الإرهابية (جميعها) هو فكر " الحاكمية" وهو تفسيرهم للآيات التي تقول: -
{إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون}
وقوله تعالى {والله يحكم لا معقب لحكمه}
وقوله تعالى {إن الله يحكم ما يريد}
وقوله تعالى {ولا يُشرك في حكمه أحداً}
وقوله تعالى {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقومٍ يوقنون}
وقوله تعالى {وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله}،
ووقوله تعالى: {وإن أطعتموهم إنكم لمشركون}.
وفي كتاب في ظلال القرآن لسيد قطب وهو أحد كبار مفكري الإخوان يركز على مبدأ الحاكمية وان من يحكّم غير الله كافر.
هذا التكفير أدى الى القول ان المجتمعات اليوم تعيش في جاهلية وأنها كافرة. حلال الدم والمال. وهو نفس الفكر الذي اسسه الخوارج وخروجهم على سيدنا على بن ابي طالب رضي الله عنه وقال به أبو الأعلى المودودي.
فكر الاخوان المسلمين ان " الغاية تبرر الوسيلة" , فاذا كانت اغتيالات وسيلة فلا مانع منها كما في اغتيال النقراشي واذا كانت الصناديق هي الوسيلة فلا مانع منها كما في تونس وغزة, واذا كان في الانقلاب فلا مانع كما في غزة, اما اذا كان ولا بد من الحرب الأهلية فلتكن الحرب الأهلية كما في ليبيا. فهو فكر متلون يسعى للوصول الى سدة الحكم
هذا هو فكر الاخوان المسلمين وهذا هو تاريخهم. ولهذا أخالفهم بعد ان كنت ادافع عنهم بل وشك الكثيرون أنى كنت انتمى لهم لشدة دفاعي عن الحق بحرية الرأي حتى ولو اختلفت معه، ولكن ما فعلوه في ليبيا يجعلني ضد هذا الفكر جملة وتفصيلا.