تعودنا من الاعلام ان ينقل لنا الاخبار الهامة والمؤثرة في حياة الفرد، وتحلل الارباء وتستكتب الكتاب لإلقاء الضوء على الاخبار والحوادث، او ينقل لنا الطرائف والغرائب والمعلومات التي تسلي القارئ او تزيد معلوماته.
هذه هي وظيفة الاعلام، او ما نقول عنه " رسالة الإعلام" كما نعرفها وكما نتمنى ان تكون.
ولكن الحرب على المملكة نقلت هذا المفهوم الى معنى جديد، معنى فيه من حرب الاطفال والحمق الكثير.
كنت اظن ان الاهتمام الإعلامي بحادثة هروب المراهقة السعودية " رهف محمد" وتتبع خطواتها من تايلند الى كندا، نابع من أهمية الخبر لديهم، او أهميته لدينا، ومتابعة لخبر مأساة اجتماعية تصيب مراهقة.
رغم كثرة المراهقات الهاربات في العالم عموما وفي كندا وامريكا خصوصا نجد واحده فقط تستقبل استقبالا رسميا، وتعقد لها مؤتمرات صحفية وتدبج فيها مقالات، ويكتب عنها كتاب، بل وتتابع حركاتها الإخباريات.
بلغ بهم انهم نقلوا شربها النبيذ الأحمر وأكلها لحم الخنزير. كأن شرب الخمر او اكل لحم الخنزير خبر يتناقل ويستحق الاهتمام.
نحن لا يهمنا ماذا عملت بنفسها، فألحادها وإقرارها بالإلحاد لوحده يكفي لإخراجها من المجتمع المسلم فما بعد الكفر ذنب، وبعد تبرؤ عائلتها منها أصبحت أيضا خارج نطاق الاسرة التي قد تهتم بها وترعاها.
ولكن لدي ملاحظات لابد من التطرق لها، ودحض اتهاماتها لعائلتها الكريمة، ففي أول مقابلة لها بعد وصولها الى كندا تقول رهف أنها هربت من العنف والاضطهاد
ولكن من يرى لبسها للبنطلون والتي شيرت كمراهقة يعني انها متحررة ولا تعاني من اضطهاد،
ثم هي مراهقة مقيمة في السعودية وهربت من الكويت يعني ان والدها استخرج لها اذن سفر، فكيف تكون مضطهدة ولديها اذن سفر وجواز سفر؟
كما ان قدرتها على التخطيط ومعرفة الوجهة واختيار دولة بينها وبين السعودية مشاكل دبلوماسية فهو يعني قدرتها على وصول الى الانترنت ويثبت هذا حساباتها على انستجرام وتويتر، وعدم مراقبة أهلها لها ينفي نفيا قاطعا إمكانية ان تكون معنقة او مضطهده
حجزها لتذاكر السفر من الكويت الى تايلند يعني ان لديها المال الكافي وهو ليس بسيط (حوالي 120 دينار كويتي، بالدولار حولي 400 دولار) ذلك يعني انها لست مضطهده فلديها المال ووسائل التواصل ووسائل الدفع السهلة المتيسرة.
فتاة مراهقة سعودية لا يحمل جسدها أي آثار للعنف او الإساءة الجسدية كما تملك جميع وسائل الرفاهية، مسافرة الى الكويت تملك هاتفا ذكيا باسمها وخاصية التجوال والانترنت تلبس البنطلون والتي شيرت وتملك المال لشراء تذاكر والتنقل في الكويت. تملك حرية التنقل والتجول دون رقابة او مرافقه. هذه حقائق ثابته لا ينكرها أي عاقل.
هنا لا بد من السؤال، اين المحققون الصحفيون؟ اين تحليل الاخبار والمعطيات لمعرفة صحة الادعاء وكذبه؟
اعلم ان الصحف والقنوات التي حضرت المؤتمر الصحفي الذي عقدته رهف والمقابلات التي أجرتها لديها محققين صحفيين على اعلى مستوى، ولكن لماذا اختفى هؤلاء؟
لماذا لم تطرح عليها الأسئلة التي كان يجب سؤالها لمعرفة هل ادعائها بسوء المعاملة والتعنيف حقيقة ام ادعاء كاذب؟
اختفوا لأن طرح هذه الأسئلة سيثبت كذب ادعائهم، ولا يمكن الإساءة لأسرة المراهقة أو وطنها. ولن يستفيدوا منه سياسيا. همهم الأول ليس الفتاة ولا حقوق الانسان، بل الإساءة الى المجتمع السعودي والإساءة للإسلام وهدم الأسرة المسلمة وتشجيع غيرها للهروب إليهم.
الدليل على هذا هو تركيزهم على انها شربت النبيذ الأحمر وأكلت لحم الخنزير، وتركيزهم على ولاية الاب على بناته.
إذا هدمت المرأة هدم المجتمع، ومتى سقطت المرأة سقط المجتمع.
هذا هو الهدف من جميع ما حدث، فلا تهمهم المرأة فجوجل مليء بأخبار وصور وتسجيلات نساء كنديات يعشن في صناديق القمامة وفي قارعة الطريق، والعالم مليء بنساء هربن من القتل والفقر والمرض، لم يعالجوا نسائهم ولم يساعدوا المحتاجات الحقيقيات في العالم.
"الخير" لا يتجزأ، ومن كان به خير فالأقربون أولى بالمعروف، والمحتاج أولى من غير المحتاج. ولكنه شر يلبس لباس خير، كالذئب يلبس لبوس الشياه.
يذكرني هذا بقول احمد شوقي رحمه الله
" برز الثعلبُ يوماً في شعار الواعِظينا"
فعسى شبابنا يكونوا كالديك الذي رد عليه
" مخطيٌّ من ظنّ يوماً أَنّ للثعلبِ دِينا"
هذه حقائق وليست رأي، وفرق كبير بين حقيقة لها ادلة وعليها إثباتات وآراء يحكمها الهوى، او رغبات تحكمها مصالح.